موضوع تعبير عن الرسالة إلى صديق
كما قيل في الأمثال الساقة الواقعية أن الصداقة كنز لا يفنى. فلا أخال الحياة تستقيم بدون أصدقاء، ولا يستوى الحال من غير صديق صدوق صادق الوعد مصدوق.
وأحسب أن لي أصدقاء أحبهم من صميم قلبي. أحن إليهم في كل وقت وكل حين. أكتب إلى صديقي الذي لم أره منذ سنين، وقد سئل أعرابي: ما أمتع لذَّات الدنيا؟ فقال: ممازحة المحبّ، ومحادثة الصديق، وأماني تقطع بها أيامك.
فيا صديقي، إن فرقت بيننا آلاف الكيلومترات، وباعدت بيننا الدقائق والساعات. فإن لك مكانة في قلبي لا يعلمها إلا سبحانه، حفظتك في قلبي كحفظ المؤمن قرآنه.
وإني يا صديقي لأحن إلى أيام خلت، كنت أقطع فيها معك الوقت بالساعات فلا يسعني ذلك إلا قربا، ولا يزيدني إلا أنسا بك ووحشة فيمن سواك.
أما وإنه قد باعدت بيننا الأمصار والأقطار، فأزف إليك خبر ما قاله الإمام أحمد: إن لنا إخوان لا نراهم، نحن أوثق بمحبتهم ممن نراهم كل يوم.
إلى صديقي في الغربة
صديقي العزيز:
أكتبُ إليك رسالتي هذه وكلّي شوقٌ إلى رؤياك، وفي القلب غصّةٌ كبيرة لِبُعد المسافات التي تفصلُ بيني وبينَك، فالغربة يا صديقي تجعلُ من القلب قطعة ملتهبة من الجمر، لا يُمكن إطفاؤها إلّا بالعودة إلى ربوع الوطن، لكنّني أهوّن على نفسي ثقلَ الأيام والليالي بالكتابة لك لأبثّ لك كلّ شجوني التي لا أستطيع التعبير عنها إلّا بدمعةٍ هاربة من عيوني، فالغربة جعلت منّي شخصًا آخر همّه فقط أن يمضي اليوم مسرعًا دون أن أفكّر في نفسي وأهلي وأصدقائي، كما جعلت منّي مجرّد آلةٍ تعمل دون أن يكون لديها أيّ عاطفة، لأنّ الأيام فيها تمرّ دون أي بهجة أو لهفة سوى لهفة انتظار موعد العودة إلى الوطن، ففي الغربة تعوّدت أعود إلى بيتي وحيدًا في كل يوم، ما من أمٍ تُحضّر لي الطعام، ولا أختٍ تفتح لي الباب بابتسامة.
صديقي الغالي: منذ أن اخترت غربتي بنفسي أخذتُ عهدًا ألّا أنسى أيامي الجميلة التي أمضيتها مع من أحببتهم، وإنّني يا صديقي أستميحك عذرًا عن أيّ لحظة تقصيرٍ بدرت مني وأنا بعيدٌ عنك، وما يُواسيني حقًا هو أنّ الغربة لا بُدّ وأن تنتهي يومًا قريبًا، وسنعودُ لأيًامنا الجميلة وجلساتنا الرائعة، وسنحيي في قلوب بعضنا البعض الأملَ والتفاؤل، وسنُشعل قناديل قلوبِنا من جديد، وسيبقى الوطنُ ملاذنا الآمن والحضن الدافئ والعائلة الكبيرة التي تضمّنا مهما سافرنا وابتعدنا.
صديقي العزيز أقول لك في ختام رسالتي إليك أن أخبرك بشوقي إلى لقائك القريب، ففي لقائك استرجاعٌ للذكريات الجميلة التي جمعتنا، ولكل مغامراتنا معاً، فمهما تقدم بي العمر لن أنسى أبداً كل وقفاتك النبيلة معي، ولن أنسى أبداً أنك العضد والساعد، وأنك أجمل وردة في بستاني، وأنك إضافة أساسية في حياتي لن أتخلى عنها أبداً، فدمت لي يا صديقاً أخاً قريباً وحبيبنا، ودمت لي درباً من دروب الخير أمشي فيه شامخاً واثقاً بأن معي من يسندني في هذه الدنيا، وهو أنت يا صديقي.