انشاء عن الصبر مفتاح الفرج للمسلمين قصير ومختصر

تمر على الانسان في طوال حياته كثير من الأمور الصعبة والسهلة، تأتي عليه أوقات شدة وعقبات لا يمكن لأي انسان أن يتحملها إلا إذا تحلى بالصفة العظيمة ألا وهي الصبر، فعلى الانسان أن يتحلى بهذه الصفة ليواجه المعيقات التي تعيق وصوله إلى مبتغاه، فلولا الصبر لا يستطيع تحقيق إنجازاته، لذا يجب تحليه بهذه الطاقة ليصل لأعلى الدرجات.

لقوله تعالى في سورة البقرة: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157].

فالصبر هو تحمل الأذى والمصاعب والمعيقات والآلام والشدائد، لنيل مرضاة الله عز وجل،  وهو تحمل النفس لشيء فوق طاقاتها أو شيء تكرهه، لكي لا تفقد الصبر ومرضاة الله، وتحقيق مبتغاها، حيث أن الانسان عند تحليه بالصبر يكون قد حقق رضا الله تعالى لأن الله سبحانه وتعالى أمر بهذه الصفة العظيمة.

أيضاً فقد تحلى الأنبياء والرسل بصفة الصبر فقد تحملوا وتكبدوا الكثير من الشدائد والعناء والمشقة والتعب في مسيرتهم للدعوة الإسلامية وفي حياتهم الشخصية، أيضا رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم تحلى بالصبر، فقد صبر على الأذى من المشركين وممن حوله من الكفار في سبيل الدعوة الإسلامية وذلك ليحقق مبتغاه في نشر الدعوة الإسلامية ولينال مرضاة الله عز وجل لقوله تعالى: (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون (.

الصبر صفة على المؤمن أن يتحلى بها لأن في ذلك توضيح لقيمة ودرجة الايمان لديه فالمؤمن بقضاء الله وقدره يتحلى بالصبر، لأنه يعرف أن الله عز وجل يضع في طريقه المعيقات والمصاعب اختباراً له وابتلاء، والابتلاء يكون حسب درجة ايمانك فكلما كان ايمانك بالله أقوى كلما اشتد ابتلاء الله لك ليرى الله عز وجل مدى تحملك وصبرك على ابتلاءه، وكما ابتلاك الله عز وجل سبفرجها عليك من أوسع أبوابك ويأتيك بالفرج الكبير على مقدار تحملك وصبرك، أيضاً فالله سبحانه وتعالى لم يترك الصابرين بلا أجر، بل كتب الله لهم أجراً عظيماً، وذلك يدل على عظم صفة الصبر وقيمة تحلي المؤمن به، لقوله عز وجل في كتابه العزيز: “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”، وهنا تبين الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى أعد للصابرين أجراً لا يعلمه إلا هو.

فالصبر يكون بثلاث أنواع:

الصبر الأول (الصبر على الشّدة والمصاب) فقصة أيوب عليه السلام دليل كافٍ وعبرة جميلة في هذا النوع، حيث قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ عن هذا النوع من الصبر: “عجبًا لأمر المؤمن، فإنّ أمره كلَّه خير؛ وليس ذلك لأحد إلّا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له” (رواه مسلم).

أما عن النوع الثاني من الصبر (الصبر عن المعاصي) فما قصة يوسف _عليه السلام_ عنّا ببعيدة، وما من شيء أصعب على المؤمن من أن يُبتَلى في دينه فيصبر، فامتناع يوسف _عليه السلام_ عن امرأة العزيز كان صبرًا وتجلّدًا. و قد صبر على ما ابتُلي به حتّى كان السجنُ مصيره، فصبر على السجن عددًا من السنين، و كافأه الله بخروجه من السجن معززًا مكرمًا، فصار عزيز مصر.

وبالنّسبة للنوع الثالث من الصبر (الصبر على الطاعات) فإنّ جميع العبادات تحتاج الصبر والتجلّد لفعلها، كصلاة الفجر في فصل الشتاء _مثلًا_، فالمؤمن يقوم من دفء فراشه إلى برد الشتاء ليتوضّأ بماء بارد لأجل الصلاة، وفي هذا الأمر صبر على الطاعة، وصيام رمضان أيضًا فيه صبر فالمؤمن يصبر عن الطعام من أذان الفجر حتى أذان المغرب، ويحتسب الأجر عند الله عز وجل، وهذا من أجمل أنواع الصبر.

وفي ختام موضوعنا نقدم لكم هذا القول الجميل من أحد الشعراء//

اصْبِرْ قَليلًا فَبَعْدَ العُسْرِ تَيْسيرُ

وَكُلُّ أمْرٍ لَهُ وَقِتٌ وَتَدْبيرُ

وَيَقول آخر:

لا تَحْسَبِ المَجْدَ تَمْرًا أنْتَ آكِلُهُ

لَنْ تَبْلُغَ المَجْدَ حَتّى تَلْعَقَ الصّبْرا