موضوع تعبير عن أفضل صديق

من أروع النّعم التي أنعمها الله علينا، ومن أجمل الأشياء في هذا الوجود الصداقة فهي عهدٌ بين القلوب، وتقاربٌ بين الأرواح، ورابطة تكاد تكون أقوى من رابطة الدم لأنَّها مبنية على اختيار الأصدقاء لبعضهم البعض، فهي من أجمل الروابط الإنسانية، وبها يُصبح الصديق الأمان الذي يأوي إليه قلب صديقه، فمن يملك الأصدقاء يملك الكثير من الأشياء التي لا تشتريها الأموال، خصوصًا إن كانت الصداقة حقيقية مبنية على أساس الوفاء والإخلاص والحب الصافي.

الصديق هو الأخ الذي لم تلده أمّك، هو صاحب القلب، وسند الروح؛ فالصّديق يُشعل قناديل القلب بالفرح، ويملأ الروح شغفاً وحبّاً للحياة، هو الذي يُخفّف عناء الأيام وتعبها، ومن يعيش بلا أصدقاء سيَشعر بوحدةٍ قاتلةٍ، لا يضحك فيها من قلبه، ولا يجد من يُشاركه أفراحه وأحلامه، ولا يجد من يُواسيه ويقف معه في أحزانه.

عزيزي لاختيار أفضل صديق، عليك اختيار الصديق النقي والطيب، والذي لا يوجد فيه الخبث، ولا اللؤم، ولا يعرف الكذب، والتلوّن، والخداع، ولا يميل مع المصالح، وأن يكون إنساناً صالحاً، يَسترك في غيبتك أمام الآخرين، ويدافع عنك بكلّ قوةٍ، لا يسمح أن يذكرك أحدٌ بالسوء؛ وينصرك على أعدائك لأنّه يعتبرك امتداداً له، ومكمّلاً لروحه ووجوده، فالشاعر يقول: صديقي من يقاسمني همومي، ويرمي بالعداوة من رماني، ويحفظني إذا ما غبت عنـه، وأرجـوه لنائبـة الزّمـان. فالصديق هو من يدلّك على دروب الخير، ويمنعك من الضّياع في دروب الشر، ويأخذ بيدك إلى النجاح، ويساعدك للوصول إلى الحياة الصحيحة، لشعوره بالمسؤوليّة تجاهك، لا يتخلّى عنك في أزمات الحياة أبداً، ولا يلتفت لمحاولات إبعاده عنك. وهو من لا يسمح للدنيا بأن تأخذه منك، ويفضلك على نفسه، يمنحك المشورةَ الصحيحةَ في الحياة، وينتشلك بقدر استطاعته من كلّ ضيقٍ تمرّ به، فهو أبوك عندما تحتاج النصيحة، وأمّك عندما تحتاج الاحتواء، وأخوك عندما تحتاج السند، فهو ذلك الشّخص الذي لا يُمكن العيش دونه، لأن الحياة من دونه كبيتٍ مظلم، وكهفٍ لا نهاية له.
أفضل صديق لا يطلب منك تبريراً لأي فعلٍ تقوم به، فهو المدافع عنك في فعلك الصحيح والخطأ، ومرشدك ودليلك أمام نفسك وأمام الآخرين، ويلتمس لك العُذر في كل شيءٍ، ويتجاوز عن هفواتك وأخطائك، ولا يتوقف كثيراً عندها ليثقل كاهلك باللوم والعتاب، فالكثير من الأصدقاء يفرضون على الصديق متطلّباتٍ للصداقة، لكن أفضل صديقٍ لا يفعل هذا، بل يظلّ مخلصاً ووفياً، دون أي شرطٍ أو مقابل.
وأخيرا لاختيار أفضل صديق، يجب اختياره بمرآة القلب، بعيداً عن مرآة العينين والمصالح المشتركة، ويجب أن يكون الوفاء والحب والإخلاص متبادلاً، لأن الصاحب هو انعكاسٌ لشخصية صديقه، ومكملٌ لها، ومن يلتزم برابط الصداقة المقدس، ويرشد صاحبه للخير دوماً، يصبح من الذين يظلهم الله سبحانه وتعالى في ظله يوم القيامة، فيا له من فوزٍ عظيمٍ، ومنحةٍ تقدمها الصداقة لأصحابها على طبقٍ من حرير.