قصة عن حق الجار على جاره، إليكم متابعينا الأحبة قصة عن الجار الثمين، تابعوا معنا في هذه المقالة
قصة الجار الثمين
رأى أبُو نزيهٍ جارَهُ أبَا عليّ وهُو يُخرجُ أمتعتَهُ ويضعهَا في سيارتهِ ليرحَلَ إلى بَلدةٍ أخرى، فأسرعَ إليهِ وجعلَ يناديهِ ويطلبُ منهُ الوقّفَ قليلاً ثمّ قالَ له:
– ماذَا تفعلُ يا أبَا عليّ؟
– قال أبو عليّ: عزمْتُ على الرّحِيلِ يا أبا نَزيه..
تعجّبَ أبو نزيهٍ وقال له: وهل أزْعجكَ أحدٌ حتّى ترحَلَ مِنْ جِوَارنَا يا أبا عليّ..
ابتَسمَ أبو عليّ ثم قال: كلاّ يا أبا نَزيه، فأنتُم نِعْمَ الجيرَانُ.. ولكنْ..
قاطَعَهُ أبو نزيه قائلاً: هذا لا يُمكنُ يَا أبَا عليّ.. وأنَا لنْ أسمحَ لكَ بالانتقالِ.. فأنتَ نِعْمَ الجارُ..
أبُو عليّ: إنّي مُضطرٌ لبَيْعِ بَيْتي يا صَديقِي.. فالدّيُونُ تَراكَمَتْ عليّ ولَمْ أعُدْ قادِراً على سدَادِها..
أبو نزيه: سَوفَ أقضِي عنْكَ الدّيونَ حتّى يُوسعُ الله عليكَ..
تدخّلَ نزيهٌ وقال: أرجوكَ يا عمّاهُ أنْ تبقَى.. فنحنُ نُحبّكُم كثِيراً..
وبرَزتْ عَفافٌ ابنةُ أبي نَزِيهٍ وقالتْ: لا تتركْ البيتَ يَا عمّاه..
فكّرَ الجارُ أبو عليٍّ ثُمّ قال: حسناً يَا جيراني الأعِزّاء.. لنْ أبيعَ المَنْزِلَ.. ولنْ أتركَ جِوارَ رجُلٍ طَيّبٍ مِثْلَك..
ظهرَ الفرحُ على عفَافٍ ونزيهٍ وقالا: الحمدُ لله.. سوفَ نذهبُ لنُخبِر ابنكَ عُثمان وابنتكَ فاطِمةَ لنلعبَ سوياً ونحْتفلَ بهذهِ المُناسَبَة..
وفي تلكَ الليْلةِ جلس كلٌّ منْ نزيهٍ وعفاف معَ جدّهما، وذكَرا لهُ ما حدثَ، فقالَ لهٌمَا:
وفي نهاية قصة عن حق الجار على جاره أودُّ أن أذكركم بمقولة: الجار للجار ولو جار، فأحسنوا الى جيرانكم ولو أساؤوا اليكم يحسن الله اليكم فما جزاء الاحسان الا الاحسان.
– هذاَ رائعٌ جدّاً.. وقدْ وقعَ مثلهُ في قديم الزمان.. وسأحدّثُكُمْ عنهُ فاستعوا إليّ..
في قديمِ الزمانِ.. كانَ هُناكَ رجُلان مُتجاوِرانِ ويُحبُّ بَعضُهُمَا بعضاً.. وهُمَا مُحمّدٌ بنُ الجهمِ وسَعيدٌ بنُ العاصِ.. ولمّا صارَ مُحمّدٌ فقيراً أرادَ أنْ يبيعَ منزلَهُ.. فعرضهُ على أحدِ التّجارِ فقالَ لهُ التّاجرُ: سأدفعُ لكَ في هذهِ الدّارِ عشرةَ آلافِ دينارٍ..
ووافقَ مُحمّدٌ على الفَوْرِ وقال: هذَا جيّدٌ.. أنا مُوافقٌ، ولكنْ بِكمْ تَشْترِي جوارَ سعيدٍ بنِ العاص؟
تعجّبَ التّاجرُ مِنْ قولهِ، وصاحَ بهِ: ماذَا تقُول.. أنَا لمْ أسمَعْ مِنْ قبلُ أنّ أحداً باعَ شيئاً اسمُهُ جوار..
محمّدٌ: هَذا صَحيحٌ، ولكنّ جوارَ صَاحبي مُختلفٌ عنْ أيّ جوار..
الرجل: وكيفَ ذلك؟!
ابتسَمَ محمّدٌ وقال: لأنّه دائماً يسألُ عنّي إذا غبتُ، ويُعطينِي إذا سَألت، ويُحسنُ إليّ إنْ أسأتُ إليْه، ويَصُلني إنْ قَطَعْتُه، ولمْ أجدْ منهُ أيّ سوءٍ طيلةَ مُجاوَرَتِي لَهُ.. فكيْفَ تُريدُنِي أنْ أتَخَلّى لكَ عنْ جوارهِ دونَ مُقابل..
المشتري: ما دامَ الأمرُ كذلكَ فإنّي أعتذرُ عنْ شِراءِ بَيْتِكَ..
محمّدٌ: كمَا تُريد..
وفي المسَاءِ كانَ سعيدٌ يجلسُ معَ زوْجتهِ على مائدَةِ العَشَاء، فقالتْ لهُ زَوْجتُهُ: هلْ علمتَ أنّ جارَكَ يُريدُ بَيْعَ مَنْزِلِهِ والرّحِيلَ إلى مَكانٍ آخَر..
سعيد: ماذَا؟ ولماذَا لمْ يُخْبِرْنِي؟
زوجتهُ: سمعتُ أنّه كُلمَا أرادَ رجُلٌ شِرَاءَ بيتهِ طلبَ منهُ ثمناً لجِوارِكَ، وذكركَ بِخَيْر..
سعيد: لا بُدّ أنْ أرَاهُ في الحَال..
زوجته: نعَم.. ولا بُدّ أنْ تُقنعَهُ بعدمِ بيعِ منزلِهِ والبقاءَ فِيه..
وذهبَ سعيدٌ على الفورِ لرؤيَةِ جارِهِ..
سعيد: سامحكَ الله يَا جَاري الحبيب، تُريدٌ أنْ تبتعدَ عنّا.. خُذْ هذهِ النّقود ثَمناً لبيتكَ وابقَ فيهِ..
محمّد: لا يُمكنُ يا سَعيد.. فأنَا أثقلتُ عليكَ كثيراً مِنْ قبل..
سعيدٌ: لا بٌدّ أنْ تأخُذَ المالَ، ولنْ أرضى بغيرِ ذَلِك..
محمّد: جزاكَ الله خيراً يا جاري العزيز.. لقدْ فرّجتَ كُربتي فرّجَ الله كُربتك.. والله ما دفعني لذلك إلا الحاجةُ والفقرُ..
ولمّا انتهى الجدّ مِنْ سردِ قصّتهِ قال نزيه: قِصّةٌ جميلةٌ يا جدّي.. فقدْ حصلَ معَ أبي مثلها تماماً..
المعاملَةُ الطّيّبةُ تُثمرُ خيراً دائماً، ويجبُ على الجَارِ أنْ يشعُرَ بأحْوالِ جيرانهِ ويتفقّدَهُم، فهذَا مِنْ الأخْلاقِ التي علّمَنَا إيّاهَا الإسْلام..