تعبير عن جمال الطبيعة في فصل الربيع

جمال الربيع يا ماله من جمال ففصل الربيع هو فصل البهجة والسرور وفصل الخضرة والحياة والمياه الجارية، والمناظر الخضراء الجميلة، والأغصان الممتلئة بالزهور التي تزهو على كل من مر بها، إنه فصل الأمل والتجدد المليء بكل ألوان الحياة وأطيافها وعطورها، ففيها تسمع أشجان العصافير، وأصوات الهديل، والجداول البراقة التي تبرق بأشعة الشمس المنعكسة عليها، و تعود الطيور إلى ديارها مستبشرةً بعد هجرة طويلة قضتها لتجد الأرض قد اكتست بحلتها الخضراء، والدفء الذي يتسلل إلى أعماق الأرض مانحاً الحياة لكل من قطنها.

إنه فصل التمييز والحيوية يخرج فيه الناس من بيوتهم التي اختبئوا فيها في فصل الشتاء ليجددوا نشاطهم بلبس ثوب الربيع فيستمتع الصغير والكبير بالربيع يمتعون أنظارهم التي تجول كل مكان لترى ذاك اللون الجميل الذي يريح النفس ويشعر بالأمن ويضفي الأمل ويبعد الهم والحزن ويجلي القلوب ويذهب الأفكار عن العقول يستمتع فيه الصغار باللعب على العشب الأخضر الذي لن تجده بهذه الحلة إلا في هذا الوقت من السنة.

يتميز فصل الربيع بأنه سيد الفصول كلها، وهو الأقرب إلى القلب من بينها جميعاً، فبعد قسوة الشتاء وبرده وجنون عواصفه، يأتي هو كمنحةٍ إلهيةٍ عظيمةٍ تستقرّ به النفوس وتبتهج القلوب، ويشتعل فيه فتيل الأمل، ولا عجب أن قصائد الحب التي قيلت فيه كثيرةٌ جداً، فالقلوب فيه تُصبح أكثر رقةً، والمشاعر تُصبح أكثر تدفقاً، فشمسه وأزهاره وكل ما فيه من جمالٍ يستفزّ المشاعر لتظهر على الملأ وتنشر عبيرها الجميل، وفي هذا يقول الشاعر:

مرحى ومرحى يا ربيع العامِ      أشرق فدْتك مشارقُ الأيامِ

بعد الشتاء وبعد طولِ عبوسه     أرِنا بشاشةَ ثغرِكَ البسّامِ

وابعث لنا أرجَ النسيمِ معطراً     متخطراً كخواطر الأحلامِ

ففي الربيع تتلون الأحلام باللون الوردي، ويستريح النظر برؤية الخضرة البديعة في كل مكان، وتُحلق الفراشات الملونة بين زهرةٍ وأخرى وهي تتراقص فرحةً بروعته، فشمسه الدافئة الحنونة تضم الأرض بأشعتها دون أن تزعجها، وطقسه المعتدل يجعل من الخروج في رحلةٍ طويلة شيئاً في قمة المتعة، فالطبيعة تُخبئ بشارها الكثيرة لتُخرجها في هذا الفصل، ولهذا ترتدي أجمل أثوابها المزينة والزاهية، وتتعطر بعطر الزهور والورود، والأشجار تستعيد خضرتها بعد أن كانت قد خلعت ثوبها القديم عنها، وفي هذا الفصل تستيقظ الحيوانات من سباتها الطويل، فالربيع هو فصلها الذي تستعيد فيه نشاطها وحياتها لتبدأ موسم التكاثر.

فالله جميل يحب الجمال وهذا ما يثبت مدى جمال الطبيعة التي تحيط بنا في كل مكان، حيث فلا يمكن أن تنظر عيناً وترى شيئاً سيئاً في الطبيعة، فحتى عندما تهطل السماء بالأمطار فهذا كافي للتعبير عن الجمال الطبيعي الذي يقدمه الله لنا، علينا فقط أن نقدر هذا الجمال ونحافظ عليه، وأن نهتم بالمرح والسعادة في فصل الربيع حتى لا نفوت علينا أي بحظة سعادة يقدمها لنا الزمن.