انشاء عن بر الوالدين

الوالدان هما سر الحياة هما جوهرها، فهما يشكلان الأمن والأمان لأطفالهما، هما الملاذ الآمن في الحياة، هما سبب عيش هؤلاء الأطفال بأمل وسعادة وحب وحنان، فبدون الوالدان يفقد الانسان طعم الحياة، ويفقد مراحل عمره الجميلة.

أولى الإسلام اهتماماً كبيراً لبر الوالدين، وأعطاها دور مهم جداً وعظيم في الحياة، فقال الله سبحانه وتعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً)، حيث أن الله تعالى وصى ببر الوالدين والسعي لكسب رضاهم ومحبتهم والبعد عن عقوق الوالدين.

أيضاً إن الله سبحانه وتعالى ربط بين عبادته وبر الوالدين، حيث أنه أشار في كتابه العزيز إلا أن رضا الوالدين من رضا الله تعالى، فمن كسب رضا والديه كسب مرضاة الله تعالى، لقوله عز وجل في آياته الكريمة: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً).

فرضا الوالدين يكون بالمعاملة الحسنة، وتقديم المساعدة لهم وحبهم واحترامهم، يكون بفعل الخير معهما، وحسن مرافقتهم والدعاء لهم والانصات إليهم وإلى حديثهم والإحسان لهم في الكبر والصغر، وعدم التعالي عليهما أو الضجر منهما، أيضاً بالصلة الدائمة لهما وتلبية احتياجاتهم وطلباتهم وعدم رفع صوتنا عليهم أو أمامهم، والبعد عن مجادلتهم، وعدم الكذب عليهم، وجعل مكانتهم أعلى مرتبة من أي شخص آخر في حياتنا وتقديرهم.

أيضاً فالإسلام ركز وأكد على بر الأم مما عانته من تعب في الحمل والولادة والرضاعة، فقد شهدت معاناة في كل منهما، لذا على الأبناء أن يأخذوا بعين الاعتبار التعب والسهر والجهد الذي قام به الوالدان من أجل راحتهما وتقديم أفضل سبل الحياة لهما، لذا يجب عليهم السعي لكسب رضاهما، والاهتمام بهما خاصة عند الكبر والتقدم في العمر، ومعاملتهما بكل رحمة وسكينة وهدوء وحب.

فطاعة الوالدين مهمة جداً وواجبة علينا حتى لو لم يكونا مسلمين، يجب التعامل معهم بلطف وحب واحترام لكن من دون اغضاب الله عز وجل، والتودد لهم دون فعل ما يغضب الله عز وجل، لقوله تعالى: “وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ”.

أيضاً من صور بر الوالدين: طاعتهما بالمعروف وعدم التأفف في وجوههما، وإدخال السرور إلى قلبيهما قدر الإمكان، ومساعدتهما في قضاء جميع شؤونهما، وتقديم ما يحتاجانه لهما، ورعايتهما في كبرهما، وإنفاذ عهدهما بعد وفاتهما، والحفاظ على صلة الرحم التي لا تُوصل إلّا بهما، والإحسان إليهما في حياتهما وبعد مماتهما، ويكون هذا بالصدقة عنهما والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، والحرص على تنفيذ وصيتهما، فالوالدان يفرحان بصلة أبنائهما لهما في جميع الأحوال، ويقول الله -سبحانه وتعالى- في محكم التنزيل: “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا”، لهذا فإنّ الإحسان إلى الوالدين أمرٌ رباني أوصى به الله تعالى وذكره في العديد من الآيات، كما أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال العديد من الأحاديث التي تحث على برّ الوالدين في كل وقت.