في هذا المقال من موسوعة يمكنك التعرف على سبب نزول سورة المنافقون وهي سورة مدنية تأتي في الترتيب الثالث والستين والجزء الثامن والعشرين في القرآن الكريم، وإجمالي عدد آياتها يصل إلى 11 آية، وقد ذُكرت صفات المنافقين في العديد من آيات القرآن الكريم ولكن تركزت هذه السورة في الحديث عن مواقف المنافقين مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأهم صفاتهم من أجل التحذير منهم، ويشير معنى النفاق إلى إظهار عكس ما في الباطن، وينقسم النفاق إلى نوعين الأول وهو النفاق الاعتقادي الذي يعد من صور الكفر حيث يتجلى في إظهار الإيمان بالله ولكن في الباطن يكمن كفره بالله، أما عن النوع الثاني فهو النفاق العملي هو قيام المنافق بطاعات لا تنبع من خشية الله وإيمانه به.
يرجع السبب الرئيسي وراء نزول سورة المنافقون إلى الخلاف الذي وقع بين كلاً من جهجاه بن سعيد الذي يتبع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسنان الجهني الخزرجي، حيث وقع الخلاف بينهما بسبب منع أحدهما الحصول على الماء وقد أفضى الخلاف إلى الضرب، وقد استغاث جهحاه بن سعيد بالمهاجرين قائلاً “يا للمهاجرين” بينما استغاث سنان الجهني قائلاً “يا للأنصار”.
وقد علم بهذا الخلاف ابن سلول الذي يعد رأس المنافقين قال للإعراب:” لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ” إذ أمرهم بعدم الإنفاق حتى ينفض كل من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أخبر أصحابة : “إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل”، ولكنه أدعى كذب ما قاله عندما بلغ الأمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، مما ترتب على ذلك نزول الآيتين الكريمتين السابعة والثامنة:(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ)، (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ).
كما ذكرنا في السابق ركزت السورة على المنافقين، وبالتالي سُميت بهذا الاسم لأنها توضح صفات المنافقين في إخفاء الكفر وإظهار الإيمان، إلى جان إبراز أهم المواقف التي تبرز كفرهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك من إبراز نموذج للنفاق وهو ابن سلول.
كان موعد نزول سورة المنافقون موضع للخلاف بين العلماء، فقيل أنها نزلت في وقت غزوة تبوك التي وقعت في العام التاسع الهجري، وقيل أنها نزلت في وقت غزوة بني المصطلق التي وقعت في العام السادس الهجري.
تتحدث السورة عن النفاق الاعتقادي الذي يكمن في إظهار الإسلام وإخفاء الكفر باطنًا، وتبين آياتها أبرز صفات المنافقين والتي تتمثل في الآتي:
ولكون المنافقين اعتقاديًا كفار خارجون عن الملة فإن الله لا يغفر لهم إذا استغفر الله لهم، وذلك مثلما ورد في قوله تعالى في الآية السادسة (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).
يكمن فضل سورة المنافقون كونها من أبرز السور التي كان يتلوها الرسول صلى الله عليه وسلم في كل صلاة جمعة وتحديدًا في الركعة الثانية، وذلك من أجل تعريف وتذكير المسلمين بصفات المنافقين من أجل التحذير من أن يحذوا حذوهم، وذلك ورد عن بن عبد الله عباس رضي الله عنهما حين قال: أنَّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كانَ يَقْرَأُ في صلاة الفَجْر، يَوم الجُمُعة: ” الم تَنْزِيلُ” السَّجْدَةِ، “وَهلْ أَتَى علَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ، وَأنَّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كانَ يَقْرَأ في صلاة الجُمُعة سُورَة الجُمُعَة والْمُنَافِقِين” (رواه مسلم).
وقد اقتدى الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في قراءة هذه السورة في الصلاة أبرزهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك مثلما ورد عن أبي رافع حيث قال”: قُلْتُ لأبي هريرةَ: إنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضوانُ اللهِ عليه إذ كان بالعراقِ يقرَأُ في صلاةِ الجمعةِ سورةَ الجمعةِ و”إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ”، فقال أبو هُريرةَ: كذلك كان رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قرَأ” (صحيح بن حبان).
وفي ختام هذا المقال نكون قد أوضحنا لكم سبب نزول سورة المنافقون ، إلى جانب السبب الرئيسي وراء تسميتها، بالإضافة إلى موعد نزول هذه السورة وتفسيرها من خلال توضيح صفات المنافقين،فضلاً عن فضل هذه السورة.
المراجع