عادي
الإمارات تقدم تجربة مميزة في المجال

العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمع ونشر تماسكه

05:45 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: عايدة عبد الحميد

أصبح العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمع، ونشر التماسك الاجتماعي بين أفراد المجتمع، فالتطوع أثر يبقى، وأجر يرقى، وعطاء لا يفنى، والتطوع من السلوكيات والقيم الإيجابية، التي حث عليها الشرع الحنيف وندب إليها؛ وذلك لما يترتب على العمل التطوعي من نفع الخلق، وقضاء حوائجهم، كما أنه يسهم في استغلال طاقات أفراده في مجالات مثمرة وهادفة لمصلحة المجتمع.
«الخليج» التقت بعدد من الشخصيات ارتبطت بالعمل التطوعي والإنساني، وجاءت شهاداتهم مؤكدة أهمية التطوع؛ لأنه يؤدي إلى زيادة متانة النسيج الاجتماعي وتوثيق عراه.
أشارت سحر العوبد رئيس مجلس إدارة «جمعية الإمارات للتطوع»، ورئيسة الاتحاد العربي للعمل التطوعي، إلى الإرث الحضاري الكبير في مفاهيم وأسس التطوع، التي أرساها ميدانياً بسلوكه وممارساته الشخصية الوطنية المميزة، التي كانت تمثل مدرسة حضارية رائدة للقيم، فقيد الأمة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، المؤسس الباني، رحمه الله، وهو يرسم معالم طريق المستقبل والنمو والتطور والازدهار ليس للإمارات فحسب؛ بل للأمة العربية جمعاء.
وقالت: «إن العمل التطوعي واجب وطني، وسلوك حضاري، وأن العطاء لا يقتصر على المال فقط، وأنه يمكن للإنسان أن يكون فاعلاً في مجتمعه عبر العطاء من الوقت والجهد، ونسعى لإيجاد المتطوع الصغير عبر توعيتهم من خلال محاضرات نظرية لغرس العمل التطوعي، وتشجيع عمل المتطوعين وتوجيه طاقاتهم واستثمارها على نحو يكفل لهم المشاركة الفاعلة لخدمة المجتمع، والإسهام في مسيرة العمل الإنساني».

جهود غير مسبوقة

تعد راية خميس المحرزي، إحدى رائدات العمل التطوعي والاجتماعي والديني في الدولة؛ حيث حصلت على العضوية العاملة في أكثر من 50 جمعية داخل الإمارات، فضلاً عن 10 جمعيات مختلفة الأنشطة في أنحاء العالم العربي، وتم تكريمها على هذا الجهد غير المسبوق، وحصلت على نحو 500 شهادة تقدير من جهات إماراتية وعربية ودولية، كما تم في عام 1994 إسناد مهمة إليها تتمثل في الإشراف على قسم النساء في بعثات الحج والعمرة.
وأشارت إلى نشأتها في بيئة صالحة؛ حيث عرفت أسرتها بأعمال الخير في نطاق الحي، الذي كانت تقطن به، وحين تزوجت في سن الثانية عشرة، لم تجد أي فارق بين بيت الوالد وبيت الزوج في الاهتمام بأعمال الخير، والحرص على خدمة الآخرين، لحرص زوجها ومسارعته إلى العمل التطوعي، وقد ورث هذا الحرص عن والده الذي كان يعمل مصلحاً اجتماعياً في محكمة مدينة كلباء بصفة رسمية.
واتخذت قراراً مصيرياً، وقالت: «قررت أن أهب نفسي إلى الله -تعالى-، ثم الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- ثم إلى حكومة ودولة الإمارات، ترسيخاً لمبادئ المواطنة وحب الوطن.

حب العمل الخيري

يستذكر علي العاصي رئيس لجنة الأسر المتعففة في أم القيوين، أن مسيرته في العمل الاجتماعي والإنساني، بدأت من خلال إعجابه بنهج المغفور له بإذن الله القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حين أطلق مبادرة «درهم فلسطين» في عام 1988؛ دعماً للانتفاضة الفلسطينية الأولى.
وتجربة على العمل الخيري تجاوزت حدود الدولة؛ حيث لفت نظره تجربة صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى، حاكم عجمان، الذي يعد من العلامات الكبيرة في العمل الإنساني، وسافر إلى سوقطرة؛ حيث قدموا خدمات كبيرة لأهلها، ولم تنقطع علاقته بها، فعندما شكلت لجنة تابعة لديوان الحاكم في عجمان لمراعاة شؤون أهل سوقطرة.

تطوير المجتمعات

يلعب التطوع دوراً مهماً وإيجابياً في تطوير المجتمعات وتنميتها، إلى جانب تحقيق السعادة للمتطوع نفسه، هذا ما أكده عبد اللطيف مصطفى القاضي منفذ البرامج التوعوية في إدارة الإعلام والعلاقات العامة بالقيادة العامة لشرطة الشارقة، الذي مارس العمل التطوعي منذ نحو ثلاثة عقود؛ حيث عشق العمل التطوعي منذ طفولته المبكرة، وكان في فريق الأشبال بمدرسة جابر ابن حيان في إمارة أبوظبي، ثم في إمارة الشارقة بعد وفاة والديه رحمهما الله، اتجه في سن مبكرة إلى التواصل مع الأطفال الأيتام والأشخاص من ذوي الإعاقة (أصحاب الهمم).
وأضاف عملت في القيادة العامة لشرطة الشارقة في عام 1991؛ حيث لم يمنعني عملي في الشرطة من مزاولة العمل التطوعي، فانخرطت كمتطوع بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ ذلك الحين حتى هذا اليوم، وقد نما تواصلي مع الأطفال من ذوي الإعاقة (أصحاب الهمم)، بعد انخراطي في عملي الوظيفي في قطاع الشرطة، خاصة مع تشجيع زملائي في العمل التطوعي، ودعم رموز العمل التطوعي في الشارقة، إضافة إلى تشجيع القيادات الشرطية التي عاصرتها خلال عملي في سلك الشرطة.
وأشار إلى أنه حصل على العديد من الجوائز، وعلى رأسها «جائزة الشارقة للعمل التطوعي» (مرتان) كما تم تكريمه من قبل العديد من المؤسسات مثل: «جمعية أهالي ذوي الإعاقة»، و«مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية»، و«المجلس الأعلى لشؤون الأسرة»، و«هيئة المحميات والبيئة الطبيعية»، إضافة إلى تكريمه من قبل القيادة العامة لشرطة الشارقة، كما تم تكريمه في مناطق تعليمية عدة، وفي الوزارات الاتحادية في مختلف إمارات الدولة.

أم المتطوعين

يطلق على تغريد زهدي محمد «أم المتطوعين»؛ لحرصها الدائم وتواجدها المستمر في مختلف مجالات العمل التطوعي والإنساني منذ 16 عاماً، وهي قد وهبت نفسها لخدمة التطوع والإنسانية بكل حب؛ حيث تؤمن بأهمية هذا العمل الإنساني، الذي يشعرها بسعادة غامرة، ويعطيها قيمة أخلاقية وفكرية.
وبدورها قالت شمسة الزري: التطوع لم يغب أبداً عن ثقافة أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها، وهي الدولة التي قامت على فعل الخير ونشره وإيصاله للمحتاجين في شتى بقاع الأرض، إلا أن هذا العام، أعاد ترتيب أولويات الحياة، ولا سيما عند الأطفال والشباب، وفتح الأبواب مشرعة أمام مأسسة فكرة التطوع، لتدخل جهود أبناء الإمارات مجالات عدة متميزة، تعكس القيم الأصيلة والمبادئ السامية لمجتمع دولة الإمارات، التي تخطو خطوات سباقة على درب العطاء الإنساني، تماشياً مع نهج القيادة الرشيدة في تعزيز العمل الخيري والإنساني.
وقالت عائشة يوسف سعيد المطلعي، النائب العام ل«فريق بنات زايد التطوعي»، في 2006 بدأت رحلتي في التطوع، وأول فريق تطوعت فيه هو فريق (تكاتف) من خلال عدة فعاليات كبرى، وعلى رأسها (العرس الجماعي) في خورفكان، (القرى التراثية في خورفكان ودبا)، إلى جانب (تنظيم أطول علم في خورفكان)، وساعدتني في مسيرتي التطوعية خدية سالم النقبي قائد فريق «تكاتف في المنطقة الشرقية سابقاً.
مؤخراً كرمت مدرسة المجد النموذجية في الشارقة، الطالب المواطن سفير التطوع عبد الله راشد دعيفس (11 سنة) في الصف السادس، بتوزيع هدايا ضمن مبادرته، التي تقدم بها لإدارة المدرسة بعنوان: «بطانية الخير في عام الخير»، وتوزيع هدايا على العمال وسائقي حافلات مدرسته، بحضور الشيخ عبد الرحمن المعلا مدير نطاق بوزارة التربية والتعليم، وخالد المهيري مدير المدرسة، والمعلم جميل رسلان، والمشرف على المبادرة منسق الجوائز والمسابقات في المدرسة.
وقال الطالب عبد الله ل«الخليج»، وهو أصغر الفائزين في المجال التعليمي والتربوي، في «جائزة الشارقة للعمل التطوعي» في دورتها الحادية عشرة، أدرس في الصف السادس، وأنا عضو في لجنة أصدقاء المرضى في الشارقة، وأشارك في كثير من الحملات التطوعية، ومنها: (إفطار صائم - دعم اللاجئين السوريين - سلام يا صغار - قلوب دافئة).
العمل التطوعي يجعل الناس أكثر سعادة
أشارت دراسة حديثة إلى أن العمل التطوعي، قد يحسن من الصحة النفسية، ويساعد على العيش لفترة أطول، وحلل باحثون بيانات من 40 دراسة، ووجدوا أن الأشخاص الذين قاموا بأعمال تطوعية يمتلكون انخفاضاً في احتمال الوفاة بنسبة 20 في المئة، مقارنة مع غير المتطوعين.
وقالت المشرفة على الدراسة، الدكتورة سوزان ريتشاردز من كلية الطب لدى جامعة إكسيتر: «أظهرت دراستنا أن العمل التطوعي يترافق مع تحسن في الصحة النفسية؛ لكن نحتاج إلى المزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كان العمل التطوعي هو السبب الحقيقي في هذا التحسن، ويكمن التحدي الآن في تشجيع الناس، على القيام بأعمال تطوعية ثم مراقبة حدوث أشكال من التحسن لديهم نتيجة القيام بمثل هذه الأعمال».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"