كان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يسعى ما وسعه السعي إلى توحيد أجزاء المملكة سياسيا، وكان من مقتضيات ذلك التوحيد، توحيد الإدارة في أقاليم المملكة كافة. ويظهر أن التجربة الإدارية في الحجاز كانت نواة الإدارة المركزية السعودية الجديدة. ولقد أخذ التطور الإداري عقودا ثلاثة بداية من المجالس المحتفلة عام 1343/ 1924، ومرورا بالنيابة العامة عام 1345/ 1926، وانتهاء بتأسيس مجلس الوكلاء عام 1350/ 1931 الذي تطور تدريجيا ليصبح مجلسا للوزراء عام 1372/ 1953، وكان الملك عبدالعزيز يرأس مجلسا يضم في عضويته مستشاريه وبعض من يحملون لقب وزير، ويقومون بعمل يشبه عمل مجلس الوزراء ولكن ذلك المجلس لم يحمل اسم: مجلس الوزراء طيلة حكم الملك عبدالعزيز.

لقد تأخر تحويل مجلس الوكلاء إلى مجلس الوزراء حوالى عشرين سنة منذ تأسيسه. ولعل إرهاصات وتداعيات الحرب العالمية الثانية أثرت على الوضع المالي للدولة السعودية الجديدة، مما آخر في سرعة وتيرة إقرار مجالس جديدة، أو تحويل مجلس الوكلاء إلى مجلس للوزراء.

لكن مع توسع أعمال الحكومة، وتوسع الجهاز الإداري، ووجود ثلاث وزارات قابلة للتوسع والتجزؤ، أنشئ مجلس الوزراء بموجب المرسوم الملكي في 1/ 2/ 1372 الموافق 10/ 10/ 1953. وحسب الأمر الملكي فقد نص قرار تأسيس مجلس الوزراء أن يرأسه ولي العهد الأمير (الملك) سعود بن عبدالعزيز. وكان يضم المجلس في أول تأسيسه الوزراء ومستشاري الملك عبدالعزيز باعتبارهم وزراء دولة. وبعد عشرة أشهر أصبح الأمير (الملك فيصل) رئيسا لمجلس الوزراء.

وكان مقررا أن يفتتح الملك عبدالعزيز مجلس الوزراء، لكن وفاته أخرت افتتاحه إلى شهر رجب من عام 1373/ 1954 وعندما افتتح الملك سعود المجلس بيّن في خطابه برنامج الدولة في المجالين الداخلي والخارجي. وبعد صدور نظام مجلس الوزراء ألغي مجلس الوكلاء، وانتقلت السلطات الثلاث من مجلس الشورى إلى المجلس الجديد.

وبهذا يكون الملك سعود، وكان آنذاك وليا للعهد، أول رئيس لمجلس الوزراء. وبعد أن أصبح ملكا آلت رئاسة مجلس الوزراء لولي عهده الأمير (الملك فيصل)، وهو ثاني ولي عهد يرأس جلسات مجلس الوزراء السعودي.

* مؤرخ وعضو مجلس الشورى