الإيمان بالقدر هو ركن من أركان الإيمان الستة وأصل من أصوله، حيث لا يتحقق إيمان العبد ولا يكتمل إلا به، ويعرّف الإيمان بالقدر: بأنه التصديق والإقرار الجازم بأن كل ما يحدث ويقع من الأمور من خير أو شر، إنما هو بإرادة الله تعالى وعلمه ومشيئته، حيث قال الله عزّ وجلّ في كتابه: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)،[١][٢]


ما هي مراتب الإيمان بالقدر؟

مراتب الإيمان بالقدر هي أركانه ومرتكزاته الأساسية التي يُبنى عليها الإيمان بالقدر، ويستطيع المسلم من خلالها فهم هذا الركن، فمتى تحققت هذه المراتب عند المسلم اكتمل إيمانه بالقدر، وفيما يأتي بيان هذه المراتب:[٣][٤]


العلم

وهي أول مراتب الإيمان بالقدر، وهي التصديق والإقرار وإثبات أن الله تعالى يعلم كل شيء منذ الأزل، جملة وتفصيلاً، فهو يعلم ما كان، وما سيكون، وما لم يكن كيف سيكون لو كان، فعلمه محيط بكل شيء سبحانه، حيث قال في كتابه: (أَنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)،[٥] ويعلم سبحانه الموجودات والمعدومات، ويعلم الممكنات والمستحيلات، ويعلم كل ما يتعلق بخلقه وعباده من خير أو شر، صغير أو كبير، فيعلم أحوالهم وأرزاقهم، وسعادتهم وشقاوتهم، وآجالهم وآمالهم، وتحركاتهم وسكناتهم، فهو عليم بكل شيء سبحانه.


الكتابة

وهو التصديق والإقرار أن الله عزّ وجل قد كتب مقادير الخلق، وكل شيء، من قبل خلقهم إلى قيام الساعة في اللوح المحفوظ، فكل ما حدث، وما يحدث، وما سيحدث في المستقبل مكتوب عند الله تعالى، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أوَّلَ ما خلق اللهُ القلَمُ، فقال لهُ اكتُبْ، قال: ما أكتُبُ ؟ قال : اكتُبْ القدَرَ، ما كان و ما هو كائِنٌ إلى الأبَدِ).[٦]


المشيئة

وهو التصديق بنفاذ مشيئة الله تعالى وإرادته، فما من شيء يحدث في هذا الكون إلا بإرادته سبحانه، فإذا أراد وشاء الله عزّ وجلّ شيئاً كان، وإذا لم يشأ شيئاً ولم يرده لم يكن، سواء كان متعلقاً بفعله سبحانه، كالإحياء والإماتة، والتدبير والخلق، أو كان متعلقاً بالمخلوقات، من الأفعال والأقوال والأحوال، قال تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).[٧][٨]


الخلق

وهو التصديق والإيمان بأن الله تعالى قد خلق كل شيء في السموات والأرض، وأوجد كل المخلوقات والأشياء، و والإقرار بقدرته على ذلك، فما من شيء إلا الله تعالى قد أوجده وخلقه، قال تعالى: (ذَلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).[٩]


آثار الإيمان بالقدر

فيما يأتي بيان بعض الآثار المترتبة على الإيمان بالقدر:[١٠][١١]

  • سبب لزيادة الإيمان، وكماله.
  • تحفيز العبد للعمل والسعي.
  • تعريف العبد بضعفه وحاجته لله تعالى، فلا يتكبر ويتعالى على الله عز وجل.
  • جعل العبد متوسطاً في حاله، فلا يغتر بحدوث الخير له ولا يحزن بحدوث الشر له.
  • تنقية القلب من الحسد والضغينة، فلا يتحسر على ما ليس عنده وعند غيره، فيرضى بقضاء الله تعالى.
  • منح العبد الشجاعة، بيقينه أن الأمور كلها بيد الله تعالى.
  • سبب من أسباب التوكل على الله تعالى، والاستعانة به.
  • منح العبد شعور الرضا بقضاء الله تعالى في السراء والضراء، فإن أصابه الخير شكر ربه، وإن أصابه الشر صبر على قضاء ربه، ويصبر على ما أصابه من ابتلاءات ومصائب.
  • منح العبد الشعور بالراحة النفسية؛ ليقينه بأن الأمور كلها بيد الله تعالى.
  • جعل العبد يخاف من الله وحده، فلا يخاف على مال أو ولد، أو من مرض، أو من شيء آخر.


المراجع

  1. سورة القمر، آية:49
  2. عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف، التوحيد للناشئة والمبتدئين، صفحة 100. بتصرّف.
  3. أبو الأشبال حسن الزهيري آل مندوه المنصوري المصري ، أصول أهل السنة والجماعة، صفحة 6-10. بتصرّف.
  4. خالد بن منصور المطلق، منهج الإمام جمال الدين السُّرَّمَرِّي في تقرير العقيدة، صفحة 216-219. بتصرّف.
  5. سورة الطلاق، آية:12
  6. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:2017، صحيح.
  7. سورة يس، آية:82
  8. محمد بن إبراهيم التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 178. بتصرّف.
  9. سورة غافر، آية:62
  10. بد العزيز بن محمد بن علي آل عبد اللطيف، التوحيد للناشئة والمبتدئين، صفحة 107-110. بتصرّف.
  11. عبد الرحمن بن صالح المحمود، دروس للشيخ عبد الرحمن صالح المحمود، صفحة 13-20. بتصرّف.