رئيس التحرير
عصام كامل
-إعلانات-

كيف تم فرض الصلاة فى رحلة الإسراج والمعراج؟

-إعلانات-
الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج
فرضت الصلوات الخمس على الرسول صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء و المعراج عندما عرج إلى السماوات مع جبريل عليه السلام بأمر من الله تعالى حيث رأى في السماوات العليا جميع الأنبياء صلوات الله عليهم حيث شاهد آدم عليه السلام و موسى و عيسى و إدريس و إبراهيم سلام الله عليهم ثم إلتقى بالله تعالى ففرض عليه الصلوات حيث كان عدد الصلوات خمسين صلاة.


خمسين صلاة
وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في المعراج : َ(فَرَضَ اللَّهُ عز و جل عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُهُ فَقَالَ هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) فرجع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى موسى فقال له راجع ربك فقال النبي استحيت من ربي ثم انطلق به جبريل عليه السلام حتى انتهى به المطاف إلى سدرة المنتهى في الجنة.


التعبد قبل الاسراء والمعراج
يروى محمد ابن اسحق، من علماء الحديث أن "الصلاة حين افترضت على رسول الله أتاه جبريل وهو بأعلى مكة، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي، فانفجرت منه عين، فتوضأ جبريل ورسول الله ينظر إليه ليريه كيف الطهور للصلاة، ثم توضأ كما رأى جبريل، وقام به جبريل فصلى به، ثم انصرف جبريل فجاء رسول الله خديجة، فتوضأ لها ليريها كيف الطهور للصلاة، كما أراه جبريل فتوضأت، ثم صلى بها، كما صلى به جبريل، فصلت بصلاته".

وهذه الرواية تخالف النص القرآنى فى شقها الخاص بالوضوء، والذي نزلت آياته في سورة المائدة وحدّدت شكل الوضوء والطهارة عند الصلاة، بنصها على أنه إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فهذه السورة نزلت فى المدينة بعد هجرة الرسول.
 
 
والرأي الثاني يقول فيه ابن حجر الهيتمى في كتابه "تحفة المحتاج لشرح المنهاج" إنه "لم يكلف الناس إلا بالتوحيد فقط، ثم فرض عليهم من الصلاة ما نزل فى سورة المزمل"، أى ما كان يقوم به النبي محمد فقط من صلوات قيام الليل والذى خففه بعد حين القرآن عنه بقيام نصف الليل.


الحكمة من رحلة الإسراء والمعراج

بعدما سدّ أهل الأرض الأبواب أمام دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءت رحلة الإسراء والمعراج لتُبيِّن لهم أن الآفاق مفتوحة أمام الدعوة، وأن الله -تعالى- سينصر نبيّه، بالإضافة إلى مؤانسة الله -تعالى- لنبيّه وتعويضه بعدما نالت قريش منه بعد عام الحزن الذي توفّيت فيه زوجته خديجة وعمّه أبو طالب الذي كان يدافع عنه ضد قريش، وبعد الأذى الذي تلقّاه من أهل الطائف عند هجرته إليهم

متى وقعت رحلة الإسراء والمعراج

ووقعت حادثة الإسراء والمعراج في السنة العاشرة من بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة زوجته خديجة -رضي الله عنها- وعمّه أبي طالب، حيث كانا أعزّ نصيرين ومعينين للنبي من الناس، فكان عمّه يمنع عنه مكائد قريش، ويدافع عنه أمامهم، وكانت زوجته خديجة تشدّ أزره وتقدّم له كلّ دعمٍ ماديٍّ ومعنويٍّيحاتجه، فحزن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على وفاتهما حزناً شديداً حتى سميّ ذلك العام بعام الحزن؛ لشدّة ما بدا على النبي -عليه الصلاة والسلام- من حزن لوفاتهما.

ومما زاد الهمّ والحزن في قلب النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تطلّع لأهل الطائف يدعوهم إلى دين التوحيد بعد كلّ الصدود والتكذيب والتعذيب، الذي لاقاه من قومه في مكّة، فذهب إلى الطائف رجاء أن يتّبعوه وينصروه، فسخروا منه واستهزؤوا به وأرسلوا خلفه غلمانهم وأطفالهم يرمونه بالحجارة، فخرج من الطائف مهموماً حزيناً، فتلت هذا الهموم رحلة الإسراء والمعراج، لتكون إيناساً للنبي -عليه الصلاة والسلام- وتخفيفاً عليه من شدّة ما لاقى من تكذيبٍ وكفرٍ من قومه.

الحكمة من فرض الصلاة ليلة الإسراء والمعراج

 العبادة الوحيدة التي فُرضت في السماء السابعة دون واسطةٍ بين الله -تعالى- ونبيه محمداً -صلّى الله عليه وسلّم- عبادة الصلاة، وليس ذلك إلّا لبيان أهمّيتها، وفضلها، وعظمة مكانتها في ميزان الله تعالى، حيث فُرضت الصلاة أولاً خمسين صلاةً كما ورد في حديث صحيحٍ طويلٍ عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم خفّفها الله -تعالى- على الأمة حتى بلغت خمس صلواتٍ في اليوم والليلة.

ويُذكر أنّ هناك العديد من الروابط بين قصة الإسراء والمعراج وما فرضه الله -تعالى- من فرائض تخصّ الصلاة، وفيما يأتي بيانٌ لذلك.


 مجيء رحلة الإسراء والمعراج بعد الهموم الكثيرة التي طالت بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثمّ فرْضُ الصلاة فيه ممّا يدلّ على أنّ الصلاة سببٌ لإزالة الهموم والغموم عن العباد، ومصدر راحةٍ وهناءٍ لعباده.

ورود قصّة الملكين الذين أخرجا قلب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وطهّراه بماء زمزمٍ، وربط ذلك بالوضوء قبل الصلاة يعطي إشارةً إلى الطهارة التي تعمّ الباطن والظاهر للمصلّي. ابتداء رحلة الإسراء في مكة، وانتهائها في المسجد الأقصى ربطٌ بينهما، فالمسجد الأقصى كان قبلةً المسلمين، ثمّ تحولت إلى الكعبة المشرفة.

مرور النبي -عليه الصلاة والسلام- على موسى في رحلة الإسراء والمعراج، وهو يصلّي في قبره، والربط بينها وبين توجيهه للنبي -عليهما السلام- بمراجعة النبي لربه في عدد الصلوات حين فُرضت خمسون صلاةً، ثمّ خُفّفت إلى خمس صلوات.

صلاة النبي -عليه السلام- إماماً بالأنبياء كلّهم في المسجد الأقصى دلّت على نسخ كلّ شرائعهم، واتباعهم شريعة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك الصلاة بالنسبة للمسلمين عنوان شرائعهم في دينهم.

عروج النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى كلّ سماءٍ على حدّة، كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي، وكذلك الصلاة كما يُروى أنّها تعرج إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء إن كانت مقبولةً عند الله تعالى.

مرور النبي -عليه الصلاة والسلام- بالبيت المعمور في السماء السابعة، وهي بيتٌ يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملكاً يصلّون فيه، ثمّ لا يعودون إلى يوم القيامة، فيدلّ ذلك على أنّه كما أنّ عبادة أهل الأرض الصلاة، فإنّها عبادة أهل السماء كذلك.

دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج

النظر في قدرة الله تعالى، فقدرته قدرة خالقٍ لا يدري كنهها البشر، إذ حمل بشراً من الأرض ورفعه إلى السماوات العلا، ثمّ عاد به، وكذلك السرعة القصوى في انتقاله بين مكة وبيت المقدس، ولذلك شكّك المشركون بهذه الرحلة، إذ لم يألفوا سيراً لبشرٍ بهذه السرعة وبكلّ تلك التفاصيل.

التأكيد على مكانة المسجد الأقصى في الإسلام، الذي كان قبلةً للأنبياء من قبل، وكذلك جعله الله -تعالى- محطّةً في رحلة نبيّه إلى السماء، وفيه صلّى بالأنبياء جميعهم إماماً، ثمّ أكمل رحلته إلى السماء.

إمامة النبي -عليه الصلاة والسلام- بالأنبياء فيها دلالةً على أنّ الإسلام دينٌ عالميٌّ منزّلٌ على كلّ الخلق، وأنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- هو حامل هذه الرسالة، وهذه الراية لإيصالها إلى العباد، ومن ثمّ ورّث هذه المهمّة إلى الدعاة من بعده، وبهذا الميراث استحقّت هذه الأمة صفة الوسطية والخيرية، فقد قال الله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).

الإسلام دين الفطرة، ويدلّ على ذلك أنّ جبريل -عليه السلام- خيّر النبي بين اللبن والخمر، فاختار النبي اللبن، فأخبره جبريل أنّه اختار الفطرة، والمقصود بدين الفطرة أي أنّه يوصل المرء إلى التوازن بين الروح والجسد، والمصالح والمفاسد، وأمور الدنيا والآخرة، ولذلك كان الدين الإسلامي من أكثر الأديان سرعةً في الانتشار بين الناس، حيث قال الله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
-إعلانات-
الجريدة الرسمية