الاقتصادي الإمارات – خاص:
أطلقت حضارة "وادي سوق" على الفترة التاريخية الثالثة من 2000- 1600 قبل الميلاد على المواقع التي اكتشفت بين خليج عُمان ومدينة العين، وجرى بناء مستوطنات جديدة في هذه الفترة بصورة رئيسية على المستوطنات القائمة. وعثرت البعثات الأثرية في تلك المنطقة على بعض قطع الفخار والأوعية والأسلحة والعقود وكانت بحالة جيدة في القبور الحجرية التي تعود إلى تلك الفترة وهي تُظهر كيفية تطوّر صناعة الفخار في تلك العصور.
إذاً، الفترة الثالثة من العصر البرونزي كانت فترة حضارة "وادي سوق" حيث ازدهرت هذه الحضارة معتمدة على إرث سابقتها، ويدل عليها مدفن القطارة بالعين، ومنطقة شمل برأس الخيمة التي تعد مركزاً مهماً بهذه الحقبة الزمنية، وأهم آثارها قصر من قصور القرون الوسطى يعرف بقصر الملكة "زباء"، بالرغم من أنها عاشت في الفترة التي سبقت بناء هذا القصر بكثير.
مقبرة الوادي
تركت ثقافة "وادي سوق" مقبرة ضخمة تضم قبوراً عديدة يعود تاريخها إلى 4000 عام، وهي قبور نادرة بل فريدة من نوعها في الإمارات، وقد اكتشفت في رأس الخيمة فقط وبعض هذه القبور تحمل خصائص نوعية، وقد تم الانتهاء من التنقيب عنها وبالإمكان زيارتها. واشتهرت ثقافة وحضارة "وادي سوق" بصنع الأواني الفخارية وزادت أنواعها وتعددت أشكالها وتغيرت طرق صناعتها وزخرفتها وتطورت مع مرور الوقت، ومنها جرار كبيرة للتخزين وصغيرة لحفظ السوائل، وأباريق وصحون للطعام، وقوارير لحفظ السوائل، وأواني الطبخ.
أستاذ التاريخ القديم في "جامعة الإمارات" الدكتور حمد محمد جمعة بن صراي، قال لصحيفة "الاتحاد" إن: "القبور الطولية التي تم اكتشافها مؤخراً يعود زمنها إلى الألف الثانية قبل الميلاد، وترجع لحضارات كانت قائمة في الجزيرة العربية، منها حضارة وادي سوق".
مشيراً، إلى أن مثل تلك القبور اكتشف في 3 مناطق في الإمارات حتى الآن، واحدة في شمل برأس الخيمة، وأخرى في قدفع بالفجيرة، والآن في سيح الحرف برأس الخيمة، وأوضح بن صراي، أن المحافظة على الآثار من خلال التنقيب عنها وإزالة ما تراكم عليها من طبقات طينية على مر العصور، وإظهارها للملأ بأشكالها الحقيقية ، مسؤولية تقع على عاتق الجهات المختصة .
مدينة شمل وقصر الزباء
على الجبل وفي أعلى منطقة شمل في إمارة رأس الخيمة، يقع قصر من قصور القرون الوسطى وهو القصر الوحيد الذي عُرف في الإمارات العربية المتحدة، ويُعرف هذا القصر في علم الأساطير بقصر الملكة "الزباء" بالرغم من أن هذه الملكة عاشت في الفترة التي تسبق بناء هذا القصر بكثير.
وقد تم بناء جدران دفاعية وخزانات ماء على الهضبة الموجودة في شمل أما القصر، فقد تم بناؤه في الجهة الأمامية من تلك الهضبة ويطل ذلك القصر على سهل شمل الخصب وتوجد هناك عدة غرف وخزانات ماء ما زالت محتفظة بأسقفها الأصلية كبقايا من الماضي المجيد.
ولهذا القصر ارتباط بمدينة جلفار التجارية، وجلفار هي التسمية التي أطلقت على رأس الخيمة سابقاً، واما عن القبيلة التي تقطنها هي قبيلة بني شميلي ينقسمون إلى عشيرتين الحساسنة والخنابلة، والأخيرة تقطن بالقرب من الجبال وفي رؤوس الجبال (الوعوب) وهناك العديد من مناطق رؤوس الجبال نذكر بعضها (سل حقيل، سل ضاية، البرامة، المخارم، الحلة، المنصورية) وهذه المناطق مملوكة لعوائل قبيلة الشميلي.
وكلمة "الوعوب" عبارة عن مدرجات جبلية تكون في قمم الجبال حيث تزرع بالقمح، ويطلق عليها السكان المحليين (حب البر) وتتم ترويتها بمياه الأمطار، أيضا يوجد فيها مساكنهم المبنية من حجر الجبال. ويحترف السكان المحليين صناعة الفخار، اما عشيرة الحساسنة فمنهم من يسكن بالقرب من الجبال ومنهم بالمزارع، ويشتهرون بالزراعة وخاصة زراعة اشجار النخيل.