سبب تسمية سورة المسد: سُمّيت سورة المسد بهذا الاسم لذكر اسم «المسد» فيها، والمَسَد يعني: الليف أو الشعر أو الوبر أو الصوف، وقد ذكر الله تعالى اسم المسد في الآية: «فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ».
سبب نزول سورة المسد: نزلت سورة المسد بحقّ أبي لهب عمّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- وزوجته، وتحدّثت عن العذاب الذي ينتظرهما في نار جهنم، وقد نزلت سورة المسد كردٍّ على الحرب التي أعلنها أبو لهب وامرأته على الرسول -عليه السلام-، حيث تولّى الله تعالى أمر رسوله في هذه المعركة، ونزلت السورة تحديداً بعد قصة رويت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام، عن ابن عباس قال: «صعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم الصفا فقال: «يا صباحاه!»، فاجتمعت إليه قريش فقالوا له: ما لك؟ فقال: «أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم، أما كنتم تصدقوني؟ قالوا: بلى قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، فقال أبو لهب: تبا لك، ألهذا دعوتنا جميعا؟، فأنزل الله -عزّ وجل-: «تبّت يدا أبي لهب وتب» إلى آخرها».
فضل سورة المسد: في سورة المسد العديدُ من المواعظ التي تُبيّن حقيقة الإسلام، كما تشتمل هذه السورة الكريمة على عددٍ من الفوائد المهمة على الرغم من أنها سورة قصيرة، ومن الفوائد التي تشتمل عليها سورة المسد ما يأتي: تُبيّن أن الإسلام يُعلن استهجانه وشجبه واستنكاره لأفعال الظالمين مهما كانت مناصبهم وقرابتهم، فأبو لهب على الرّغم من أنّه عم الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعلى الرغم من أنّه من وجهاء قومه، إلّا أنّه نزلت فيه آيات تتوعده بالعذاب. توضّح ضرورة تسمية كلّ ظالم باسمه، فالقرآن الكريم عرّف أبا لهب باسمه؛ لأنّه عم الرسول وخاصته وأكثر الناس معرفةً به، وعلى الرغم من هذا كان من أشدّ الناس عداوة له، ولهذا كان لا بدّ من تعريف المسلمين بالظالمين بأسمائهم كي يُجاهدوهم. تُعلّم المسلمين كيف أن الرد على الكفار وتكذيبهم يكون مُختصراً، والرد يكون بالقول الصادق والفعل الصادق، فالقرآن الكريم في سورة المسد تنبأ بمصير أبي لهب، وكيف أنه سيظل على كفره وسيموت وهو كافر ليلقى عذاب جهنم. تُبيّن كيف أن جاه الكافر وأمواله لا تغنيه عن الله تعالى، وأن قوته لا يُعتمد عليها مهما حشده فلن ينتصر أبداً. توضّح مصير الظالم وجزاءه الذي يكون في الآخرة، وأن الدنيا ليست عبرة في المصير. توضّح كيف أن الباطل يكون قوياً بإعانة الظالمين بعضهم لبعض، وكيف أنهم يُشعلون نار الفتنة، تماماً كما تعاون أبو لهب وزوجته في إيذاء الرسول -عليه الصلاة والسلام. تبيّن سورة المسد كيف أن الجزاء يكون من جنس العمل، فكما فعلت زوجة أبي لهب مع المسلمين بتضييق الخناق عليهم وإيقاد نار الفتنة، فإنّ جزاءها سيكون بوضع حبل من مسد في جيدِها وجرّها فيه.