الدوحة – نشأت أمين:
أكد عدد من الدعاة أن الصبر نصف الإيمان، وقد أعدّ المولى عز وجل لعباده الصابرين الأجر والثواب العظيم، حيث قال جل وعلا في محكم كتابه: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ»، لافتين إلى أن الأجر يكون على قدر الصبر.
وقال الدعاة لـ الراية: إن للصبر فوائد عديدة منها محبة اللـه عز وجل ودخول الجنة والشعور بلذة الإيمان وحلاوته والاستقامة على شرع الله والثبات على الدين، لافتين إلى أن للصابر ثلاث بشائر بشر اللـه بها المولى عز وجل في كتابه العزيز، فقال جل وعلا: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ».
وقالوا: إن الناس مع الصبر على درجات، فمنهم من يتسخط ويعترض على قدر اللـه تعالى، ومنهم من يصبر وهذا واجب المسلم، ومنهم من يرضى وهذه هي الدرجة العليا من الإيمان بفضل نفاذ بصيرتهم وقوة إيمانهم.
حبس النفس

وأوضح فضيلة الدكتور هاشم المشهداني أن الصبر هو حبس النفس على ما يقتضيه الشرع، وعلى العبد أن يلزم الأدب عند المصيبة في عقله ولسانه وجوارحه، أما في عقله فهو أن يحسن الظن بربه، وأن اللـه تعالى ما أراد له إلا الخير دونما اعتراض أو تسخط على قضاء اللـه وقدره، لافتًا إلى أنه على العبد أن يلزم كذلك الأدب في الجوارح، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ»، مشيرًا إلى أنه يجب على العبد أن يعلم أن الدنيا هي دار بلاء وليست بدار جزاء. وأكد أنه يتعين على العبد أن يضع قواعد عند استقبال الابتلاءات والمحن منها تجنب الجزع وعبث الشيطان به، محذرًا من الفراغ بقوله «إياك من الفراغ فإنه قاتلك بالهموم والأحزان».
نهج الأنبياء
ومضى الشيخ هاشم المشهداني إلى القول: على العبد أيضًا أن يستحضر نهج الأنبياء والصالحين مع الابتلاءات، لافتًا إلى أن سيدنا أيوب عليه السلام قد ابتلاه الله تعالى بالمرض وفقد الأبناء وذهاب الأموال، فاستقبل عليه السلام ذلك كله بالصبر والاحتساب، وكذلك يعقوب عليه السلام الذي ابتلاه ربه بفقد ابنه يوسف، فاستقبل الأمر بالصبر الجميل وجمعه اللـه بعد ذلك بولده.
وأوضح أن لنا في السلف أيضًا قدوة، مشيرًا إلى قصة عروة بن الزبير رضي الله عنه عندما ابتلاه اللـه بمرض في قدمه، واجتمع رأي الأطباء على قطعها، وقد أصرّ هو على أن يتم بترها وهو يصلي، وبعد بترها جاءه أحد الأشخاص فأخبره أن نجله قد مات بعد أن رفسته بهيمة، وما زاد عروة إلا أن قال «اللهم إنك كنت ابتليت فقد عافيت، فقد ابتليت في جزء وعافيت أجزاء، وإن كنت أخذت فقد أبقيت أخذت ولدًا فأبقيت أولادًا، فلك الحمد على ما ابتليت ولك الحمد على ما عافيت، ولك الحمد على ما أخذت، ولك الحمد على ما أبقيت».
ثلاثة أقسام

من جانبه قال فضيلة د.إسماعيل العدوي: إن الإيمان نصفان .. نصف صبر ونصف شكر، وقد وصفه الله تبارك وتعالى بأنه ضياء، مشيرًا إلى أن الصبر أمر يحتاجه الإنسان في جميع أفعاله، لافتًا إلى أن العلماء يقسمونه إلى ثلاثة أقسام تستوعب أحوال الإنسان كلها، وهي إما أنه يجب عليه أن يصبر على الطاعة حتى يؤديها، أو يصبر على المعصية حتى يمتنع عنها، وكذلك أن يصبر على الأقدار المؤلمة.
ونوه بأن القدر الذي يلحق بالإنسان نوعان، فإما أن يكون مؤلمًا مثل الآلام والأوجاع والأمراض وفقد الأحبة فيصبر الإنسان عليها، وإما أن يكون القدر موافقًا لهوى النفس كأن يرزق الصحة والمال والولد وما إلى غير ذلك، وفي هذه الحالة يتوجب عليه أن يشكر المولى عز وجل.
وفيما يتعلق بجزاء الصابرين أوضح د.العدوي أن جزاء الصابرين ورد في قوله تعالى «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ»، مضيفًا: إنه كلما عظم الصبر عظم الجزاء.
ولفت إلى أن الناس مع الصبر على درجات، فمنهم من يتسخط ويعترض على قدر اللـه تعالى، ومنهم من يصبر وهذا واجب المسلم، ومنهم من يرضى وهذه هي الدرجة العليا، وذلك بفضل نفاذ البصيرة وقوة الإيمان.
فوائد الصبر

من جانبه أوضح فضيلة د.أحمد عبدالمنعم أن للصبر فوائد عديدة أبرزها الثواب العظيم في الآخرة، حيث قال تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ». وقال سفيان الثوري: «إنما الأجر على قدر الصبر».
وكذلك محبة الله، حيث قال تعالى: «وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين»، ودخول الجنة لمن صبر على البلاء في الدنيا، حيث قال عطاء بن أبي رباح: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة قلت: بلى. قال: «هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع اللـه لي، قال إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت اللـه أن يعافيك، فقالت أصبر، فقالت إني أتكشف فادع اللـه لي ألا أتكشف فدعا لها». متفق عليه. وقال سفيان بن عيينة: «لم يُعط العباد أفضل من الصبر به دخلوا الجنة».
وأضاف: من فوائد الصبر كذلك تحقق معية اللـه للصابرين، قال تعالى: «وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ». كما أنه خير عطاء من الله للمؤمن كما ورد في الصحيحين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر».
وأوضح أن من فوائد الصبر لذة الإيمان وحلاوته لمن صبر على ترك المعاصي، قال ابن تيمية: «وكذلك ترك الفواحش يزكو بها القلب وكذلك ترك المعاصي فإنها بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن ومثل الدغل في الزرع».
ثلاث بشائر
كما أن للصابر ثلاث بشائر بشر الله بها، فقال تعالى: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ».
وأكد أن من أعظم فوائد الصبر الاستقامة على شرع اللـه والثبات على الدين، لافتًا إلى أن من أهمية الصبر وشدة حاجة المؤمن إليه أنه يتقلب في الدنيا بين حالين، إما السراء فيشرع له الشكر، أو الضراء فيشرع له الصبر، فإذا أنعم عليه أحسن، وإذا ابتلي حبس نفسه عن القول والفعل المُحرم، وكل ذلك خير لأنه ممتثل لعبادة يحبها اللـه مناسبة للحال التي نزلت به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له».
وأكد أن الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر، مشيرًا إلى أن غير واحد من السلف قالوا إن الصبر نصف الإيمان، وقال عبد اللـه بن مسعود رضى اللـه عنه: «الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر»، ولهذا جمع الله سبحانه بين الصبر والشكر في قوله تعالى: «إن في ذلك لآيات لكل صبّار شكور».