ثوى في الثرى من كان يحيا به الثرى ، ذلك البيت أحد أبيات القصيدة التي قام بنظمها أبو تمام في رثاء القائد العظيم محمد بن حميد الطوسي والذي كأن أحد أعظم القادة في العصر العباسي في عهد الخليفة المأمون وكان لا يقوى أحد على قتاله مفردًا فقد كان يتجمع الكثير حتى يتمكنوا من قتاله، حتى أنهم عندما أرادوا قتله لم يتمكنوا من ذلك إلا بعد أن دافع عن نفسه وتكسرت في يده 9 سيوف، ولم يتمكنوا منه وحتى يمكنهم قتله فقد قتلوا فرسه حتى يسقط بينهم وبذلك قد تمكنوا منه وقتلوه.
قصيدة أبو تمام من أعظم القصائد في الرثاء لما تحمله من معاني وتحويه من ألوان بديعيه وبيانية، وخلال الفقرات التالية والتي نقدمها لكم من خلال موقع موسوعة نقدم لكم شرح بعض الأبيات وما بهم من مرادفات ونقوم بتحليل أبيات القصيدة في نهاية المقال.
كان أبو تمام من أشهر الشعراء في العصر العباسي وله العديد من القصائد في جميع أغراض الشعر ومن تلك القصائد القصيدة التي يرثي فيها محمد بن حميد الطوسي، حيث يختم قصيدته بقوله:
ثَـوَى في الثَّرَى مَـنْ كانَ يَحيا به الثَّرَى . . . . ويغمــرُ صـرفَ الدهـــرِ نائلُـهُ الغمـــــرُ
عـلـيــك سَــلامُ اللَّــهِ وَقْــفــــاً فــإنَّـنــي . . . . رَأيـتُ الكريـمَ الحُـــرَّ ليسَ له عُـمْــــــرُ
ختم أبو التمام قصيدته في رثاء القائد العظيم محمد الطوسي بهذين البيتين والذي يقصد بهما:
كذا فليجــــلَّ الخطـــبُ وليفـدحِ الأمــــرُ . . . . فليسَ لعـيـن لــم يـفـضْ ماؤهــا عـــذرُ
تُوفـِّيـَتِ الآمــالُ بعـــدَ مُـحـــمـَّـــــــــــدٍ . . . . وأصبـحَ في شغــلٍ عنِ السفـرِ السفـــرُ
ومــا كـانَ إلا مـَــالَ مَــنْ قـَـــلَّ مَــالـُـهُ . . . . وذخـــراً لمــنْ أمسى وليسَ لـه ذخــــرُ
ومـا كانَ يـَدرِي مُجـْـتـَدِي جـُــودِ كفـِّـهِ . . . . إذا ما استهـلَّـتْ أَنَّـه خُـلِـقَ العُـسْـــــــرُ
ألا فـي سـبـيـلِ اللَّـهِ مـنْ عُطِّـلــتْ لـــهُ . . . . فِـجَـاجُ سَــبِـيـلِ اللهِ وانثغـَـــرَ الثَّغْــــــرُ
فَتىً كُلَّـمـــــا فـاضَـــــتْ عُيونُ قَـبِـيـلـة . . . . دمـاً ضحكتْ عنه الأحـاديـثُ والـذكــــرُ
فتىً دَهـْــرُهُ شَـطـْـــرانِ فيـمــا يـنـُوبُــهُ . . . . ففي بأسِــه شطـــرٌ وفي جـودِه شطـــرُ
فتىً ماتَ بين الطَّعـْـنِ والضَّـربِ مِيـتـة ً . . . . تقـومُ مقامَ النصـــــرِ إذْ فاتـهُ النصــــرُ
ومـا مـاتَ حتى مـاتَ مَـضْـرِبُ سَـيـفـِهِ . . . . مِنَ الضَّرْبِ واعْتَلَّتْ عليهِ القَنا السُّمْــرُ
وقـد كانَ فَـوْتُ الـمَــوْتِ سَهْــلاً فـــردَّهُ . . . . إليه الحِفـاظُ المـــــرُّ والخُلُـقُ الوَعْــــرُ
ونفسٌ تعـَـــافُ الـعـَــــارَ حتى كأنَّـمـــا . . . . هـو الكفـرُ يـومَ الروعِ أوْ دونَه الكفـــرُ
فأثبـتَ في مستنقــــعِ الـمــوتِ رجـلــهُ . . . . وقال لهـا مـنْ تحت أخمصــكِ الحشـــرُ
غَـدَا غَـدْوَة ً والحَـمْـــــدُ نَسْــــجُ رِدائِـهِ . . . . فلـم ينـصـــرفْ إلا وأكـفـانُـه الأجــــــرُ
تردَّى ثيابَ المـوتِ حُـمْــــراً فمـا دَجــا . . . . لهـا الليـلُ إلاَّ وهْيَ مِنْ سُنْدُسٍ خَضْـــرُ
كأنَّ بَـنِـي نَـبْـهَـــــــــانَ يـومَ وَفـــاتِـــهِ . . . . نُجـومُ سَـمــــــاءٍ خَـرَّ مِـنْ بَيْنها الـبَـدْرُ
يُعـَــزَّونَ عن ثـاوٍ تُـعــــزَّى بـهِ العُـلـَـى . . . . ويبكي عليهِ الجـودُ والبـأسُ والشعـــرُ
وأنـَّى لـهـــــمْ صـبـرٌ عليـهِ وقـد مضـى . . . . إلى الموتِ حتى استشهدا هو والصبرُ!
فتًى كانَ عَذْبَ الـرُّوحِ لامِنْ غَضاضَــــةٍ . . . . ولـكــنَّ كـبْـراً أنْ يـقــــــــالَ بـه كـبــرُ!
فتى سـلـبـتـهُ الخـيـلُ وهــوَ حمىً لهــــا . . . . وبَزَّتْـهُ نارُ الحَـرْبِ وهْـوَ لهـا جَـمْــــــرُ
وقــدْ كانـتِ البـيـضُ المآثيـرُ في الوغى . . . . بَـواتِــرَ فـهْــيَ الآنَ مِــن بَـعـْــــدِهِ بُـتْـرُ
أمنْ بعــدِ طـيِّ الحــادثـاتِ مـحــمـــــــداً . . . . يكونُ لأثـوابِ الـنـدى أبداً نـشـــــــرُ ؟!
إذا شجــراتُ العـــرفِ جــذَّتْ أصـولهــا . . . . ففي أيِّ فـرعٍ يوجـدُ الورقُ النضــــــرُ؟
لـئـن أُلبِســــتْ فيـهِ المصــيـبـة َ طـَيـِّئٌ . . . . لَمَـــا عُريَـتْ منهـا تَـمِــيــمٌ ولا بـَكْـــــرُ
كـذلـكَ مــا نَنـفَــــــكُّ نَـفْـقــــــدُ هـالِـكــاً . . . . يُشـارِكُنا في فَقْــدِهِ البَـدْوُ والحـضْــــــرُ
سقى الغيثُ غيثاً وارتِ الأرضُ شخصه . . . . وإنْ لـم يكنْ فيـهِِ سحابٌ ولا قـطــــــــرُ
وكيـفَ احتمـالي للسحـابِ صـنـيـعــــــة ً . . . . بإسقـائِهـا قَـبْـراً وفي لَحــدِهِ البَـحـْــــرُ!
مضى طاهــرَ الأثوابِ لم تبـقَ روضـــة ٌ . . . . غـداة ً ثـوى إلا اشـتهـــتْ أنَّهــا قـبــــرُ
ثَـوَى في الثَّرَى مَـنْ كانَ يَحيا به الثَّرَى . . . . ويغمــرُ صـرفَ الدهـــرِ نائلُـهُ الغمـــــرُ
عـلـيــك سَــلامُ اللَّــهِ وَقْــفــــاً فــإنَّـنــي . . . . رَأيـتُ الكريـمَ الحُـــرَّ ليسَ له عُـمْــــــرُ
عند قراءة القصيدة بتمعن نجد أن أبو تمام قد عمد فيها إلى تصوير لوحة فنية متكاملة عن شخصية وصفات القائد محمد الطوسي فقد رسم له صورة مثالية توضح بطولاته والصفات التي كان يتميز به ومدى كرمه، ويتميز أسلوبه في الرثاء بأن يجعل المستمع يحزن لفقدان ذلك الشخص ويتحقق من مدى الخلل الذي سوف يحدث نتيجة موته وفقدانه:
فقد استعان أبو تمام بالألوان حتى تساعده على تمييز المواقف وخاصة :
استخدم أبو تمام الصور البيانية لما تضفيه من براعة ودلائل فالكلمات تحمل في مضمونها كنايات واستعارات كثيرة:
تميز أبو تمام بالصور البديعية التي تضيف للقصيدة جمالًا دون أن يؤثر ذلك على المعاني والكلمات بل أنها تمنحها الإيقاع والجرس الموسيقي الذي يتناسب مع موضوع القصيدة وغرضها:
وقد وصلنا لنهاية مقال ثوى في الثرى من كان يحيا به الثرى حديثنا عن القصيدة التي رثى فيها أبو تمام القائد العظيم محمد بن حميد الطوسي أحد كبار المقاتلين في جيش الخليفة المأمون في العصر العباسي حيث مات بعد أن أعد له مجموعة من الأشخاص كمينًا حتى يقتلوه عام 214هـ ولكنه لم يتوانى عن الدفاع عن نفسه وظل يقاتل ويدافع عن نفسه وقاتلهم قتالًا شديدًا حتى أنه قد كسر ما يقرب من 9 سيوف في محاربتهم، وحتى يمكنهم التغلب عليه فقد قاموا بطعن فرسه حتى يسقط في الأرض وهنا تمكنوا من التجمع حوله وقتلوه.
يمكنكم الاطلاع على المزيد عبر الموسوعة العربية الشاملة:
1- بحث عن الشعر