الرعاية الصحية الأولية

15 تشرين الثاني/نوفمبر 2023

حقائق رئيسية

  • يوجد في جميع أنحاء العالم أكثر من 1 مليار شخص تقريباً معرضين لخطر الوقوع في براثن الفقر بسبب الإنفاق على الصحة من الجيوب الخاصة بنسبة 10% أو أكثر من ميزانيات أسرهم المعيشية.
  • قد يؤدي توسيع نطاق تنفيذ تدخلات الرعاية الصحية الأولية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل إلى إنقاذ أرواح 60 مليون شخص وزيادة متوسط العمر المتوقع بواقع 3.7 سنوات بحلول عام 2030.
  • يمكن تحقيق ما يُقدر بنسبة 75% من المكاسب الصحية المتوقّعة من أهداف التنمية المستدامة من خلال الرعاية الصحية الأولية.
  • يتطلب تحقيق الغايات المتعلقة بالرعاية الصحية الأولية توظيف استثمارات إضافية يتراوح مبلغها بين 200 و328 مليار دولار سنوياً من أجل تقديم مجموعة أشمل من الخدمات الصحية.

ما هي الرعاية الصحية الأولية؟

لقد أُعيد تفسير مفهوم الرعاية الصحية الأولية وتعريفه مراراً وتكراراً على مر السنوات منذ 1978، ممّا أدى إلى حدوث لبس حيال المصطلح وتطبيقه. ووُضع تعريف واضح وبسيط لتيسير تنسيق الجهود المبذولة مستقبلاً بشأن الرعاية الصحية الأولية على المستويات العالمية والوطنية والمحلية، وتوجيه تنفيذها، وهو على النحو التالي:

"الرعاية الصحية الأولية نهج يشمل شرائح المجتمع ككل إزاء الصحة ويصبو إلى بلوغ هدف مؤداه ضمان بلوغ أعلى مستوى ممكن من الصحة والرفاه وتوزيعهما بإنصاف من خلال التركيز على تلبية احتياجات الناس بأسرع وقت ممكن وعلى طول مسار تزويدهم بالخدمات انطلاقاً من تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض وانتهاءً بتوفير العلاج وخدمات إعادة التأهيل والرعاية الملطفة، على أن يزوّدوا بها بطريقة هي أقرب ما تكون من بيئة معيشتهم اليومية." منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) رؤية بشأن الرعاية الصحية الأولية في القرن الحادي والعشرين: سعياً إلى تحقيق التغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة.

وتستلزم الرعاية الصحية الأولية ثلاثة عناصر مترابطة ومتآزرة فيما بينها، وهي تشمل ما يلي: الخدمات الصحية المتكاملة والشاملة التي تشمل الرعاية الأولية وكذلك سلع الصحة العامة ووظائفها بوصفها عناصر محورية؛ وسياسات وإجراءات متعددة القطاعات من أجل معالجة محدّدات الصحة الأوسع نطاقاً في المراحل الأولى؛ وإشراك الأفراد والعائلات والمجتمعات المحلية وتمكينهم من أجل زيادة المشاركة الاجتماعية وتعزيز الرعاية الذاتية والاعتماد على الذات في مجال الصحة.

وتترسّخ الرعاية الصحية الأولية في الالتزام بالعدالة الاجتماعية والإنصاف والتضامن والمشاركة. وتقوم على الاعتراف بأن التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان من دون تمييز.

ولكي تصبح التغطية الصحية الشاملة شاملةً بحق، يلزم التحوّل من النظم الصحية المصمَّمة بطريقة تتمحور حول الأمراض والمؤسسات إلى أخرى مصمَّمة من أجل الناس وتعمل معهم. وتشترط الرعاية الصحية الأولية على الحكومات بجميع مستوياتها أن تؤكد أهمية العمل خارج نطاق قطاع الصحة من أجل اتباع نهج يشمل أجهزة الحكومة برمتها إزاء الصحة، بما في ذلك دمج الصحة في جميع السياسات، والتركيز بقوة على تحقيق الإنصاف وتنفيذ التدخلات الشاملة طوال عمر الفرد.

وتتناول الرعاية الصحية الأولية المحدّدات الأوسع نطاقاً للصحة وتركّز على النواحي الشاملة والمترابطة للصحة والرفاه البدنيين والنفسيين والاجتماعيين، وتزود الشخص بخدمات رعاية شاملة تلبية لاحتياجاته الصحية طيلة العمر، دون الاقتصار على علاج مجموعة من الأمراض المحدّدة. وتضمن الرعاية الصحية الأولية حصول الناس على خدمات الرعاية الشاملة، بدءاً من تعزيز الصحة والوقاية ووصولاً إلى العلاج وإعادة التأهيل والرعاية الملطفة - على أن يزوّدوا بها بطريقة هي أقرب ما تكون من بيئة معيشتهم اليومية.

ما هو سبب أهمية الرعاية الصحية الأولية؟

لقد التزمت الدول الأعضاء بتجديد الرعاية الصحية الأولية وتنفيذها باعتبارها حجر الزاوية الذي يرتكز عليه أي نظام صحي مستدام يؤمّن التغطية الصحية الشاملة ويحقّق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة والأمن الصحي. وتوفر الرعاية الصحية الأولية "المحرك البرامجي" اللازم لتحقيق التغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة واستتباب الأمن الصحي. وجرى تقنين هذا الالتزام وتأكيده مجدّداً في كل من إعلان أستانا، والقرار المصاحب له 72/2 الصادر عن جمعية الصحة العالمية، والتقارير العالمية بشأن رصد التغطية الصحية الشاملة، والإعلانات رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن التغطية الصحية الشاملة. والتغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة وأهداف الأمن الصحي هي طموحة، ولكنها قابلة للتحقيق. ولابد من التعجيل بتسريع خطى التقدم المُحرز في هذا المضمار، لأن الرعاية الصحية الأولية توفّر الوسيلة اللازمة للقيام بذلك.

والرعاية الصحية الأولية هي أكثر النُهج شمولاً وإنصافاً وفعالية ومردودية وكفاءة لتعزيز صحة الناس البدنية والنفسية، وكذلك رفاههم الاجتماعي. وثمة زيادة مستمرة في البينات المتعلقة بالأثر المحقق على نطاق واسع بفضل الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية في جميع أنحاء العالم، وخصوصاً في أوقات الأزمات مثل جائحة كوفيد-19.

وتؤدي الاستثمارات الموظّفة في مجال الرعاية الصحية الأولية عبر أنحاء العالم بأسره إلى تحسين الإنصاف والإتاحة، وأداء الرعاية الصحية، والمساءلة عن النظم الصحية، والحصائل الصحية. ومع أن بعض هذه العوامل مرتبط مباشرة بالنظام الصحي وإتاحة الخدمات الصحية، فإن هناك بينات واضحة على وجود طائفة واسعة من العوامل غير المندرجة ضمن نطاق الخدمات الصحية والتي تؤدي دوراً حاسماً في تشكيل الصحة والرفاه. وتشمل هذه العوامل الحماية الاجتماعية، والنظم الغذائية، والتعليم، والعوامل البيئية، من بين عوامل أخرى.

ولا غنى أيضاً عن الرعاية الصحية الأولية لتعزيز قدرة النظم الصحية على الصمود أمام حالات الأزمات وتمكينها من الكشف استباقياً عن البوادر المبكرة لاندلاع الأوبئة وزيادة تأهبها للعمل في وقت مبكر في مجال تلبية الزيادات المفاجئة في الطلب على الخدمات. ورغم أن البينات ما زالت قيد التطوير، فإن هناك اعترافاً واسع النطاق بأن الرعاية الصحية الأولية هي "واجهة" النظام الصحي، وهي ترسي الأساس اللازم لتعزيز وظائف الصحة العامة الأساسية لمواجهة أزمات الصحة العامة مثل جائحة كوفيد-19.

استجابة المنظمة

تساعد المنظمة البلدان على إعادة توجيه نظمها الصحية صوب توفير الرعاية الصحية الأولية بوصفها وسيلة رئيسية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة وهدف التنمية المستدامة 3 واستتباب الأمن الصحي. وينبغي أن تكون النظم الصحية ملائمة للناس وللسياق السائد وللغرض المعدّة لأجله. وينطوي تعزيز النظام الصحي على تدعيم الحوكمة في مجال الصحة وتمويلها؛ وتعزيز القوى العاملة الصحية؛ والمساواة بين الجنسين، وحقوق الجنسين؛ ونُظُم المعلومات؛ وجودة الرعاية وسلامة المرضى؛ وصون صحة الأم والوليد والطفل والمراهق من أجل التمتع بالصحة عند التقدم في العمر؛ والصحة الجنسية والإنجابية؛ والأدوية والإمدادات الطبية؛ والتأهب لمواجهة الطوارئ والاستجابة لها والتعافي منها؛ والعمل على مكافحة الأمراض السارية وغير السارية، من بين أمور أخرى.

وقد حدّدت المنظمة مجالات العمل الاستراتيجية الثلاثة التالية لتعزيز الرعاية الصحية الأولية في كل أنحاء العالم:

1- توفير آلية "شاملة" لدعم تنفيذ الرعاية الصحية الأولية في الدول الأعضاء، بحيث تُصمّم خصيصاً للسياق السائد في البلد وأولوياته. ويشمل ذلك وضع الإطار التشغيلي للرعاية الصحية الأولية موضع التنفيذ والاستفادة من فرص الاستثمار المتاحة من جهود الاستجابة لجائحة كوفيد-19، وبناء نظم صحية أفضل قائمة على الرعاية الصحية الأولية أثناء بذل الجهود في مجال التعافي. وهذه الوظيفة الأساسية مدفوعة بالأعمال المُنجزة والخبرات القائمة المستمدة من بلدان العالم وأقاليمه بأرجائه كافّة، وهي مبنية على تلك الأعمال والخبرات.

2- إعداد بينات وابتكارات موجهة صوب توفير الرعاية الصحية الأولية في إطار زيادة التركيز على المتخلفين عن الركب. ويستند هذا العمل إلى بينات التنفيذ القائمة، والإرشادات المتعلقة بأفضل الممارسات وحلول التنفيذ، والخبرات المستمدة من البلدان الناجحة، والمؤلفات المنشورة للتحفيز على إيجاد الحلول المبتكرة. وأمّا المنجزات المستهدفة الرئيسية فتشمل الإرشاد في مجالي الرصد والقياس لتقييم التقدم المحرز في توفير الرعاية الصحية الأولية في البلدان، والقيام لاحقاً بإعداد تقرير عالمي عن التقدم المحرز في توفير الرعاية الصحية الأولية، فضلاً عن الجهود المبتكرة في مجال بناء القدرات في إطار عمل أكاديمية المنظمة.

3- تعزيز عملية تجديد الرعاية الصحية الأولية من خلال الاضطلاع بدور قيادي في مجال رسم السياسات وجهود الدعوة وإقامة الشراكات الاستراتيجية مع الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، وشركاء التنمية، والوكالات الشقيقة للأمم المتحدة والجهات المانحة، والجهات الأخرى صاحبة المصلحة على المستويات العالمية والإقليمية والقطرية. ومن بين المبادرات الأخرى، سيُشكّل في إطار هذا العمل فريق استشاري استراتيجي خارجي معني بالرعاية الصحية الأولية من أجل إسداء المشورة إلى المنظمة بشأن تجديد الرعاية الصحية الأولية في أرجاء العالم ككل، كما ستُنشأ في إطاره جائزة للرعاية الصحية الأولية تقديراً للممارسات المتميزة في مجال الرعاية الصحية الأولية على المستوى العالمي، وسيُشجع فيه على إقامة شراكات جديدة بشأن الرعاية الصحية الأولية وشبكات تعاونية تضم أصحاب مصلحة جُدد، مثل القادة الشباب في مجال الصحة وأعضاء البرلمان وفئات المجتمع المدني عموماً.