البيت المعمور

00:57 صباحا
قراءة 3 دقائق
ورد "البيت المعمور" مرة واحدة في القرآن الكريم فيقول سبحانه وتعالى: "والطور . وكتاب مسطور . في رق منشور . والبيت المعمور . والسقف المرفوع" (سورة الطور الآيات 1- 5) . وهو البيت الذي يقع في السماء السابعة ويستند إليه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ويدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون إليه، ويقابله البيت الحرام في مكة المكرمة في الأرض . فالملائكة تطوف في السماء، والناس تطوف في الأرض .
وهناك أحاديث نبوية شريفة وآثار من أقوال الصحابة والتابعين بشأن البيت المعمور، أذكر بعضاً منها: من الحديث الشريف المطول المعروف بحديث الإسراء والمعراج " . .ثم عرج إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل . قيل: ومن معك؟ قال: محمد . قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم مستنداً ظهره إلى البيت المعمور . وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه" (أخرجه مسلم في صحيحه باب الإيمان رقم 411 عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه) .
وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة" (رواه الحاكم في كتابه المستدرك ج 2 ص 468 وقال: صحيح على شرط الشيخين . وقال الذهبي: على شرطهما أي على شرط الشيخين البخاري ومسلم أيضاً . ورواه أحمد في مسنده ج 3 ص 353 . وفي كتاب السلسلة الصحيحة للألباني رقم 477 عن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه) .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "في السماء بيت يقال له: المعمور بحيال الكعبة" (ذكره السيوطي في كتابه الدر المنثور ج 7 ص 621 وعزاه لابن المنذر في التفسير عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه . ومعنى (حيال الكعبة) أي فوق الكعبة في المستوى العمودي) .
سئل الصحابي الجليل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء بحيال الكعبة من فوقها، حرمته في السماء كحرمة البيت الحرام في الأرض، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون فيه أبداً .
وذكر التابعي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "هل تدرون ما البيت المعمور؟" .
هذه الأحاديث النبوية الشريفة والآثار توضح العلاقة بين البيت المعمور والكعبة على النحو الآتي:
1 . إن البيت المعمور في السماء، بينما الكعبة في الأرض .
2 . تطوف الملائكة حول البيت المعمور . ويطوف الناس حول الكعبة . وقد بدأت الملائكة بالطواف حول البيت المعمور بعد هبوط آدم إلى الأرض .
3 . يقع البيت المعمور فوق الكعبة في المستوى العمودي .
4 . تتعلق المعجزة الربانية في إقامة وبناء كل من البيت المعمور والكعبة حيث أمر الله العلي القدير ببنائهما فلا علاقة للإنسان ببنائهما . وليس غريباً أن تتولى الملائكة عملية البناء، فالله سبحانه وتعالى يكلفهم حيث يشاء .
إن الرأي الراجح لدي والذي آخذ به وأتبناه وأدعو إليه هو: إن الكعبة المشرفة سبق أن بنتها الملائكة بأمر من الله عز وجل وقبل نزول آدم عليه السلام إلى الأرض، والمعلوم أن الملائكة كانت تطوف حول الكعبة حتى هبوط آدم وحواء إلى الأرض . والدليل على ذلك ما يلي:
1 . يقول الله عز وجل: "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات، وهو بكل شيء عليم . وإذ قال ربك للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون" (سورة البقرة الآيتان 29 و30) . ومعظم علماء التفسير يشيرون إلى أن الملائكة كانت تتعبد وتطوف حول الكعبة في الأرض، ثم أخذت تطوف حول البيت المعمور في السماء السابعة حين هبوط آدم عليه السلام إلى الأرض ليكون خليفة الله في الأرض .
2 . يقول الله سبحانه وتعالى "إن أول بيت وُضِعَ للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين" (سورة آل عمران الآية 96) فإن الفعل (وُضِعَ) هو فعل ماض مبني للمجهول للدلالة على أن الناس ليسوا هم الذين أقاموا المسجد الحرام . و(بكة) من أسماء مكة المكرمة . فالمسجد الحرام هو أول بيت في الأرض قد وضعته الملائكة للناس بأمر من الله سبحانه وتعالى .

د . عكرمة صبري
* رئيس الهيئة الإسلامية العليا - القدس

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"