صفات المرأة المسلمة في القرآن الكريم

حفظ اللسان (2)
وإذا حفظت المرأة لسانها، اتصفت بما يلي:
– صدق الحديث:
فالمرأة المسلمة الحافظة للسانها، تكون صادقة الحديث مع الناس جميعاً، صغيرهم وكبيرهم؛ لأنها لقنت مبادئ الإسلام التي تحضّ على الصدق، وتصوره رأس الفضائل ومكارم الأخلاق المفضي إلى الجنة. أما الكذب فهو منبع الرذائل ومفضٍ إلى النار، كما في الحديث: (إن الصدق يهدي إلى البرّ، وإن البرّ يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يُكتب عند الله صديقاً. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً) (متفق عليه).
وكان صَلى الله عليه وسلم يربي الأمهات على الصدق، ويشدد في ذلك؛ ليُنشئن أولادهنّ تنشئة يحرصون فيها على الصدق، ولا يستسهلوا الكذب، حتى في مجال اللهو، فعن عبد الله بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال: مرّ رسول الله ـ صَلى الله عليه وسلم ـ إلى بيتنا وأنا صبيّ صغير، فذهبتُ لألعب، فقالت أمّي: يا عبد الله، تعالَ أُعطك، فقال: “وما أردتِ أن تعطيه؟”. فقالت: أردتُ أن أعطيه تمراً، فقال: “أما إنكِ لو لم تعطيه شيئاً كتبت عليكِ كذبة”(رواه أبو داود، وحسنه الألباني).
– ترك الغيبة والنميمة واحتقار الآخرين:
المرأة المسلمة المتربية على مبادئ دينها القويم، والتي تخشى اللهَ في السرِّ والعلانية: حريصة على ألاّ يصدر من لسانها كلمة غيبة أو نميمة تغضب بها ربها، بأيّ شكلٍ من أشكالها، سواء باللسان، أو بالغمز أو اللمز ونحوهما، أو احتقار الآخرين. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: (فقلت: يا رسول الله، إنّ صفية امرأة – وقالت بيدها هكذا كأنها تعني ـ قصيرة -، فقال: ” لقد مزَحتِ بِكلمةٍ، لو مَزجتِ بِها ماءَ البحرِ لَمُزجَ”(رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني).
– ترك النياحة:
لقد ربى رسول الله ـ صَلى الله عليه وسلم ـ المسلمات على حفظ ألسنتهن – خاصة عند المصيبة – عن التلفظ بأيّ كلمة لا تُرضي الله تعالى، وتُظهر عدم الرِّضى بالقضاء والقدر، وخصّ في ذلك النياحة، وصرّح بحرمتها. وبلغ من اهتمامه صَلى الله عليه وسلم، بتحريمها: ذِكرها في أوساط النساء حين يبايعهنّ، فيطلب منهنّ أن يعاهدنَه على ألاّ ينحنَ. قالت أم عطية ـ رضي الله عنهاـ : (أخذ علينا رسول الله ـ صَلى الله عليه وسلم ـ عند البيعة آلا ننوح) (متفق عليه).
– المسلمة لا تسيء الظنّ بالآخرين، ولا تخوض في أعراضهم، ولا تتبع عوراتهم:
فالمرأة المسلمة تنزه لسانها من الخوض في أعراض الناس وإساءة الظنّ بهم، وتتبع عوراتهم، عملاً بتوجيهات الإسلام. قال ـ صَلى الله عليه وسلم ـ : “اجتنبوا السبع الموبقات – وذكر منها -: قذف المحصنات الغافلات المؤمنات)(متفق عليه).
لا ينبغي للمسلمة تتبع عورات الآخرين، فتتبع العورات هذا يؤثر على المرأة، بأن يجعل ذلك حديثها في المجالس؛ مما يؤدي إلى إشاعة الفاحشة وانتشار المعاصي، والتهاون فيها. ولنا في حياة الصحابيات – وعلى رأسهنّ أمهات المؤمنين ـ أسوة حسنة في حفظ ألسنتهنّ من القذف وسوء الظنّ بالآخرين، ونشر العورات وتتبعها. ويبرز في ذلك موقف زينب ـ رضي الله عنها في حادثة الإفك. ويَروي لنا البخاري في صحيحه قول السيدة عائشة في سياق حديثها عن الإفك الذي برّأها الله منه، منوّهة بشهادة زينب فيها: وكان رسول الله ـ صَلى الله عليه وسلم ـ يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، فقال: ((يا زينب، ماذا علمتِ أو رأيتِ))؟. فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، ما علمتُ إلا خيراً)، قالت: (وهي التي كانت تسامني- تعادلني- من أزواج رسول الله فعصمها الله بالورع).
– الكف عن المن
من حفظ المرأة للسانها: الكف عن المن، ولو على سبيل الهزل؛ فإنه يكثر في النساء، وهو يبطل الخير والعمل؛ كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى} [سورة البقرة: 264].
وقد أخرج مسلم وغيره، عن أبي ذر، عن النبي ـ صَلى الله عليه وسلم ـ، أنه قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئًا إلا منّه، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره).
وخلاصة القول
حفظ اللسان خلق عظيم، قد يقود صاحبه إما إلى الجنة أو النار، لذلك لا بدّ للمرأة المسلمة أن تكون متحفظة في كل كلمة تتفوّه بها، مقدرة لمسؤولية الكلمة التي تتفوّه بها؛ لأنّها تعلم أنّ هذه الكلمة التي تطلقها قد ترفعها إلى مقام رَضوان الله، أو تهوي بها إلى درك سخطه وغضبه. ففي ذلك حديث أبي هريرة عن النبي ـ صَلى الله عليه وسلم ـ قال: “إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا: يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ. وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا: يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ”(رواه البخاري).