الانحراف عن العقيدة الصحيحة له أسباب تجب معرفتها ، من أهمها :
1 – الجهل بالعقيدة الصحيحة ؛
بسبب الإعراض عن تعلمها وتعليمها ، أو قلة الاهتمام والعناية بها ؛
حتى ينشأ جيلٌ لا يعرفُ تلك العقيدة ،
ولا يعرف ما يخالفها ويضادها ؛ فيعتقد الحق باطلًا ، والباطل حقًّا ،
كما قالَ عمرُ بن الخطاب – رضي الله عنه –
: ” إنما تُنقضُ عُرى الإسلام عروةً عروةً إذا نشأ في الإسلام من لا يعرفُ الجاهلية ” .
2 – التّعصُّبُ لما عليه الآباء والأجداد ، والتمسك به وإن كان باطلًا ،
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) .
3 – التقليدُ الأعمى بأخذ أقوال الناس في العقيدة من غير معرفة دليلها ،
و معرفة مدى صحتها .
4 – الغُلُو في الأولياء والصالحين ، ورفعهم فوق منزلتهم ؛
بحيث يُعتقد فيهم ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب النفع ، ودفع الضر ،
واتخاذهم وسائط بين الله وبين خلقه في قضاء الحوائج وإجابة الدعاء ؛
حتى يؤول الأمر إلى عبادتهم من دون الله ، والتقرب إلى أضرحتهم بالذبائح والنذور ، والدعاء والاستغاثة وطلب المدد ،
كما حصل من قوم نوح في حق الصالحين حين قالوا
: (لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) .
وكما هُوَ الحاصلُ من عبَّاد القُبور اليومَ في كثير من الأمصار .
5 – الغفلة عن تدبر آيات الله
الكونية ، وآيات الله القرآنية ،
والانبهار بمعطيات الحضارة المادية ؛
حتى ظنوا أنها من مقدور البشر وحده ؛
فصاروا يُعظِّمون البشر ، ويضيفون هذه المعطيات إلى مجهوده واختراعه وحده ،
كما قال قارون من قبلُ : (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)
وكما يقول الإنسان (هَذَا لِي ، إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ) .
ولم يتفكروا وينظروا في عظمة من أوجد هذه الكائنات ،
وأودعها هذه الخصائص الباهرة ، وأوجد البشر وأعطاهُ المقدرةَ على استخراج هذه الخصائص ،
والانتفاع بها : (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) .
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) .
(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار)ٌ .
6 – أصبح البيتُ في الغالب خاليًا من التوجيه السليم ؛
وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم –
: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) [ أخرجه الشيخان ] ،
فالأبوان لهما دور كبير في تقويم اتجاه الطفل .
7 – إحجامُ وسائل التعليم والإعلام في غالب العالم الإسلامي عن أداء مهمتها ،
فقد أصبحت مناهج التعليم في الغالب لا تولي جانب الدين اهتمامًا كبيرًا ،
أو لا تهتم به أصلًا ،
وأصبحت وسائلُ الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الغالب أداة تدمير وانحراف ،
أو تعنى بأشياء مادية وترفيهية ، ولا تهتم بما يُقَوِّمُ الأخلاق ، ويزرع العقيدة الصحيحة ،
ويقاوم التيارات المنحرفة ؛ حتى ينشأ جيلٌ أعزلُ أمام جيوش الإلحاد لا يدان له بمقاومتها .
وسبل التّوقِّي في هذا الانحراف تتلخص فيما يلي :
1 – الرجوع إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ ،
وإلى سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – لتلقِّي الاعتقاد الصحيح منهما ،
كما كان السلف الصالح يستمدون عقيدتهم منهما ،
ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ،
مع الاطلاع على عقائد الفرق المنحرفة ، ومعرفة شُبههم للرد عليها والتحذير منها ؛
لأن من لا يعرف الشر يوشك أن يقع فيه .