عندما أقرأ عن الدولة العباسية وأسمع عن مراحل القوة التي مرت بها، وعن الخلفاء الأقوياء الذين تعاقبوا عليها، أتعجب كثيراً من فكرة انتهاء هذه الدولة القوية، وعندي فضول كبير لمعرفة كيف سقطت الدولة العباسية؟ ومن هو آخر خلفاء الدولة العباسية؟
3
عندما أقرأ عن الدولة العباسية وأسمع عن مراحل القوة التي مرت بها، وعن الخلفاء الأقوياء الذين تعاقبوا عليها، أتعجب كثيراً من فكرة انتهاء هذه الدولة القوية، وعندي فضول كبير لمعرفة كيف سقطت الدولة العباسية؟ ومن هو آخر خلفاء الدولة العباسية؟
3
3
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إن المطلع على تاريخ الدول والحضارات يعلم أن دوام قوتها واستمرار نهضتها من المستحيلات، فقد قرر عالم الاجتماع ابن خلدون أن حكم كل دولة يمر بثلاثة أجيال: فالجيل الأول يقوم بالتأسيس والبناء، والجيل الثاني يقتنع بما تم بناؤه ويحاول الحفاظ عليه، ثم يتجه الجيل الثالث إلى الدَّعة والإسراف والتفريط.
وهذا ما مرت به دولة الخلافة العباسية، فكان التأسيس على يد الخليفة السفاح والمنصور، ثم استمرت النهضة زمن هارون الرشيد وأبنائه، وبعد ذلك تسرّب الخلل والضعف إلى بناء الدولة، وضعف الخلفاء عن القيام بمهامهم، فاستعانوا بالعسكر من المَوالي، وتنازلوا لهم عن مهام الحكم والقيادة.
وهذا ما حصل مع آخر الخلفاء العباسيين المستعصم بالله، أبو عبد المجيد عبد الله بن منصور الذي حكم بين سنتي: (640 -656هـ)، فقد وثق الخليفة المستعصم بوزيره الخائن ابن العلقمي وقربه واستمع لرأيه، وأنصت لمشورته، ولم يتفطن لغدره وسوء طويته.
حيث تواصل ابن العلقمي مع هولاكو قائد المغول مُغرياً له بالقدوم إلى بغداد، ومُمهدا له الطريق للاستيلاء عليها، ومن غدره بدأ بإقناع الخليفة المسعتصم بتسريح آلاف الجند، بحجة التخفيف من نفقات الدولة، فغدا جيش بغداد دون العشرين ألفاً بعد أن كان يتجاوز المئة ألف زمن والده الخليفة المستنصر.
توجه هولاكو بجيشه الجرّار قادماً من الجهة الشرقية لبغداد، وفي هذه الأثناء حاولت فرقة هزيلة من الجيش العباسي على رأسها مجاهد الدين أيبك التوجه للتصدي لجيش هولاكو، ولكنها سرعان ما غيرت خطتها واتجهت شمالاً؛ لتتجنب الحصار وتتصدى للشق الآخر من جيش المغول الذي قصد الإحاطة ببغداد، ولم تصمد تلك الفرقة طويلاً وتفرق جنودها فارّين متراجعين نحو أسوار بغداد.
أطبق المغول الحصار على دار الخلافة، وبدؤوا برشقها بالنبال من كل مكان؛ فانهارت أجزاء من أسوار بغداد الشرقية، حينها تابع ابن العلقمي خيانته فأشار على الخليفة بأن لا أمل بالصمود ولا بديل عن الاستسلام، فأمر هولاكو الخليفة بالخروج إليه ومعه كبار الوزراء، والفقهاء، وأمراء الناس وأعيانهم؛ حتى يحضروا مفاوضات الصلح ويوقعوا عليها.
فتوجه وفد الخليفة وكان قد ضمَّ مئات الرجال من أعيان بغداد وعلمائها لملاقاة هولاكو، فلم يُسمح لهم بالدخول على هولاكو، وأُدخل الخليفة المستعصم ومعه بضعة رجال، وتم الغدر بالباقين بعد أن جردوا من السلاح، ثم قُتل الخليفة ومن معه.
وأذن هولاكو لجيشه باستباحة بغداد، فعاثوا فيها خراباً ودماراً، واستمر سلبها حوالي أربعين يومًا، وبلغ عدد القتلى قرابة المليونين كما تذكر بعض المصادر، وبهذا سقطت الخلافة العباسية سنة (656 هـ/1258 م) بعد حكمٍ امتد إلى ما يزيد من خمسة قرون.
3
جميع الحقوق محفوظة © موضوع سؤال وجواب
أدخل البريد الإلكتروني لتتلقى تعليمات حول إعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك.