أولو العزم من الرسل
أولو العزم من الرسل، هم أفضل أنبياء الله تعالى ورسله الذي اختارهم لحمل الرسالة وتوصيلها، حيث أنزل على منهم كتب سماوية لتكون هادية للناس أجمعين، حيث فضل الله تعالى بعض الأنبياء على بعض، فجعل بعض منهم وهو أولي العزم يبلغون رسالة الله وكتبه لأقوامهم، مما جعلهم عرضة للمعاناة الدنيوية والعذاب والتضييق من هؤلاء القوم، حيث لاقوا معاناة شديدة عن غيرهم من الأنبياء والرسول تجعلهم على قمة قائمة الرسل والأنبياء الذي أرسلهم الله للناس في الأرض، في هذا المقال نعيش رحلة إيمانية رائعة مع هؤلاء الأنبياء وسيرتهم العطرة، حيث نحدد من هم أولي العزم من الرسل وفضلهم، وجانب من سيرتهم الملهمة للبشر.
من هم أولو العزم من الرسل
أولي العزم من الرسل هم 5 أنبياء ورسل سنتعرف عليهم خلال السطور القليلة القادمة من هذا المقال، فهم أنبياء الله الذي اختارهم لحمل الرسالة والعقيدة وغرسها في الناس، وقد أنزل الله عليهم بعض الكتب السماوية لتحمل رسالة محددة يوجهها إلى خلقه.
ولقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ. وهنا يتبيّن أن الله تعالى اختار هؤلاء وفضلهم حتى على إخوانهم الأنبياء الآخرين، ربما بسبب ماعانوه في حياتهم من تكذيب ومطاردة ومحاولات للقتل واستهزاء وغيرها من هذه الأمور التي كان أقوامهم يفعلونها، وقد صبر هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على الكثير من هذه الأمور في سبيل دعوة الله وإرسالها كاملة.
أما عن كلمة أولي العزم، فمعناها في اللغة العربية أصحاب الهمة والنشاط والقصد وعقد النية، وهي أوصاف جميعها تنطبق على هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة وأذكى التسليم، وقد اعتبر العلماء هؤلاء الأنبياء مميزين عن غيرهم نظراً للعديد من الأمور أهمها أن الله ذكرهم في القرآن الكريم وهو الكتاب الخاتم، كذلك لأن منهم نزل عليهم كتب سماوية وبالتالي فهم أنبياء ورسل أصحاب عقائد مختلفة جائت للبشر لتكون هادية لهم في طريق الله في هذه المرحلة العمرية من تاريخ الإنسانية كما سيتبين بعد قليل.
وعدد الأنبياء من أولي العزم خمسة وهم على الترتيب: نوح عليه السلام- إبراهيم عليه السلام- موسى عليه السلام- عيسى عليه السلام – محمد صلى الله عليه وسلم.
وسنتعرف على سيرة كل نبي على حدى وما حدث في حياته مفصلاً خلال السطور القليلة القادمة، فهيا بنا نعيش دقائق إيمانية مباركة مع أنبياء أولي العزم.
نوح عليه السلام .. نبي الطوفان
نوح عليه السلام وهو أطول رسل الله في الدعوة إلى الله زمناً، حيث مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً بنص القرآن الكريم” 950 سنة” وهو يدعو إلا الله ولم يؤمن من قومه إلا القليل، فمن هو سيدنا نوح وما هي دعوته وأحداثها؟
نوح عليه السلام هو: نوح بن لامك بن متو بن شلخ بن متوشلخ بن خنوخ وقد ولد بعد آدم أبو البشر بحوالي 126 سنة أما عن نشأته فقد ولد في الفترة التي بدأت فيها عبادة الأصنام والأوثان تنتشر وينسى البشر دعوة آدم عليه السلام التي وضعها الله للبشرية أن يعبدوه وحده لا شريك له.
وقد صنع البشر في تلك الفترة أصناماً وهي تماثيل من الحجر، وقد زيّن لهم الشيطان بأنه يجب عليهم صناعة تماثيل العظماء من قومهم تخليداً لهم، وكان هناك تماثيل لهؤلاء العظماء مثل تمثال وصنم ود و سواع ويغوث ويعوق ونسر، وهؤلاء الأصنام الخمسة كانوا مشهورين عن أقوام البشر يعبدونهم من دون الله.
لذلك بعث الله في هؤلاء الأقوام نوح عليه السلام وأوحى له بالرسالة من أجل عبادة الله الواحد الأحد لا شريك له، وبالفعل دعا نوح قومه لعبادة الله وحده وترك هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع وهذا بنص القرآن الكريم في أكثر من موّضع.
وقد عانى نوح عليه السلام الكثير في سبيل هذه الدعوة، فقد كانت البشرية أعمارها طويلة، ربما من أجل ضرورة النسل وإكثار الذرية وعمارة الأرض، لذلك مكث نوح وقومه طويلاً في العمر، و مكث نوح في دعوته فقط حوالي 950 سنة عانى فيها من الاستهزاء والكفر والجحود من هؤلاء القوم، ولم يؤمن بدعوة الله إلا القليل من هؤلاء الناس.
دعا نوح عليهم بالهلاك بسبب الكفر والجحود من جانبهم، وقد استجاب الله له، ولكن أمره أولاً بصناعة سفينة من الخشب، وربما هذه كانت أول سفينة في تاريخ البشرية، وقد صنعها نوح عليه السلام وهو في الصحراء، وسط استهزاء القوم بأنه يصنع شىء لا فائدة منه في هذه الصحراء القاحلة، وهو يتوعدهم بموّعد الله لعذابهم إن لم يؤمنوا وهم يصرون على الكفر والعناد.
بعدما صنع نوح هذه السفينة، أمره الله بأن يأخذ من كل كائن حي زوجين، لأنه سبحانه وتعالى سيغرق الأرض كلها بما فيها هؤلاء الكافرين الجاحدين، وبالفعل في اليوم الموعود ركب نوح سفينته مع المؤمنين معه وكل الحيوانات زوجين زوجين وأغرق الله سبحانه وتعالى الأرض بقدرته حيث غرق الكافرين ومنهم ابن نوح عليه السلام الذي أصر على كفره وعناده ولكنه غرق كباقي الكافرين، ولم يشفع أن ابيه نبياً.
إبراهيم عليه السلام .. أبو الأنبياء
إن إبراهيم عليه السلام ودعوته كانت المرحلة الفيصل للبشرية، فمن نسله جاء الأنبياء من بعده، وكانت دعوته (الحنيفية) وأنزل الله عليه صحفاً يتلوها الناس وينفذون ما فيها من الأحكام والوصايا، فمن هو سيدنا إبراهيم عليه السلام؟
هو إِبرَاهِيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشد بن سام بن نوح.
وقد ولد في مدينة حرّان من أرض بلاد ما بين النهري أو العراق، وهناك من يقول أنه ولد في مدينة بابل الشهيرة من أرض العراق، ويقال أن مولده عليه الصلاة والسلام تحديداً كان في 2324 قبل الميلاد، وهناك أقاويل أخرى حول موعيد ميلاده عليه الصلاة والسلام فهناك أقاويل شتى في التوراة، بل إن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال عندما سأله رجل عن ذلك إن بين إبراهيم ونوح حوالي 10 قرون كاملة، فمعظم الروايات هنا تقديرية ولا أحد يعرف على وجه التحديد.
ما يهمنا دعوة إبراهيم عليه السلام، والتي جاهر بها في وقت كان قومه يعبدون الأصنام، وحاول إبراهيم تعليمهم درساً عملياً بأن هذه الأصنام لا تضر ولا تنفع، حيث هاجم أكبر أصنامهم ووضع فأساً فيه.
جن جنون قومه وأعدوا له محرقة ليتم حرقه فيها جزاء على ما فعل بأصنامهم، وبالفعل وضعوه في مكان وأشعلوا فيه النار، لينزل الله عليه معجزته الخالدة، حيث أمر الله النار أن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم، ليخرج إبراهيم على قومه وهو يدعوهم إلى عبادة الله الواحد.
وقد آمن لإبراهيم العديد من المؤمنين ليس في قومه فقط بل في البلدان الأخرى، وهو أبو الأنبياء حيث أنجب إسحاق ومن وراء اسحق يعقوب عليهما السلام ويوسف عليه السلام أيضاً حفيده من يعقوب، وموسى من نسله الشريف عليهم السلام جميعاً.
وقد أنجب إبراهيم إسماعيل عليهما السلام وإسماعيل أبو العرب وقد اشترك مع والده في بناء الكعبة المشرفة في مكة، ومن نسل إسماعيل عليه السلام جاء محمد صلى الله عليه وسلم، وبذلك فإن إبراهيم هو الأب الأكبر للأنبياء من بعده. كانت هذه قصة سيدنا إبراهيم والتي نتعلم منها العديد من المواعظ والحكم.
موسى عليه السلام .. كليم الله
تعتبر قصة سيدنا موسى عليه السلام لها النصيب الأكبر في القرآن الكريم، فهو النبي الذي عانى كثيراً من قوم بني إسرائيل وقد ولد عليه السلام في مصر أيام الفراعنة، وقد بعثه الله لبني إسرائيل ليكون نبيهم ولينقذهم من ظلم وبطش فرعون الذي كان يستعبد هؤلاء القوم.
وقصة موسى طويلة للغاية ما بين الولادة ثم تربيته في قصر فرعون، ثم هروبه من مصر بعدما قتل رجلاً من بني إسرائيل، ثم رجوعه مرة اخرى بعدما أوحى إليه الله بالرسالة، وهو كليم الله فقد كلمه الله تعالى على جبل الطور.
وتقترن قصة موسى أيضاً بخروج بني إسرائيل من مصر من أجل سكنى فلسطين، وقد أنزل الله عليه التوراة لتكون هدى وبشرى لبني إسرائيل، ولقد عانى موسى من قبل دعوته ومن بعدها الأمرين سواء كان من فرعون الظالم أو من بني إسرائيل الذين كانوا يتميزون بالجدال المستمر وعدم الرضى عن أفعال موسى.
عيسى عليه السلام .. كلمة الله الخالدة
إن عيسى عليه السلام ولد بدون أب، فقد ألقى الله معجزته وكلمته إلى مريم عليها السلام، لتدله دون أب، في معجزة كبيرة لم تحدث ولن تحدث من قبل، فقد كانت ولادته نفسها معجزة، وولد نبي مرسل من الله تعالى ليدعو قومه إلى عبادة الله تعالى.
وقد اقترنت بعيسى عليه الصلاة والسلام العديد من المعجزات مثل إحياء الموتى وشفاء الأبرص وإبراء الأكمه، وهذه المعجزات رغم قوتها فقد كذبه قومه من البداية، وهم من اليهود الذين كذبوه في كل موقف واتهموه اتهامات شديدة بالسحر والكهانة، هذا إلى جانب إتهام أمه مريم البتول عليه السلام بالفاحشة.
أنزل الله على عيسى عليه السلام كتاباً وهو الإنجيل، وقد آمن له الحواريين وهم تلاميذه المباشرين وأصحابه وعددهم 12 إلى جانب الكثير من الضعفاء والمستضعفين في الأرض، وهو ما جعل اليهود يتفقون مع السلطة الرومانية من أجل القضاء عليه وعلى دعوته، وبالفعل تحالف اليهود مع الرومان وحرضوهم على قتله.
وقد أنقذ الله تعالى نبيه عيسى عليه السلام من مكر اليهود والرومان على حد سواء، حيث شبه لهم الواشي الذي أوشى به وكان شبيهاً إلى حد كبير بعيسى فظنوا أنه هو فصلبوه وقتلوه على الصليب، بينما رفع الله نبيه إلى السماء.
محمد صلى الله عليه وسلم .. خاتم الانبياء والمرسلين
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن مُعدّ بن عدنان، وينتهي نَسَبُ عدنان إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السّلام.
ولد صلى الله عليه وسلم في مكة، يوم الإثنين الموافق 570م، وقد كان كريماً في قومه ذو أخلاق عالية رفيعة، حتى لقبوه من قبل البعثة الشريفة بالصادق الأمين، نظراً لصدقه وأمانته، وقد اشتغل بالتجارة طويلاً وتزوج من السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهو في سن الأربعين، فقد نزل الوحي عليه في ليلة القدر، وبدأت الرسالة الخاتمة تشق طريقها بالرغم من المصاعب التي واجهتها، فقد واجه رسول الله عليه الصلاة والسلام الاستهزاء والتنكيل به وأصحابه الذين آمنوا معه طوال 13 عام في مكة، ثم أذن الله له وللمسلمين المؤمنين بالهجرة من مكة إلى المدينة لتبدأ مرحلة جديدة من نصرة الإسلام، وبداية دولته والتي استمرت في حياة الرسول 10سنوات جاهد فيها مع أصحابه الكرام مما أدى إلى انتشار الدين الخاتم في شبه الجزيرة العربية.
وبعدما أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسالة وأدى الأمانة اختاره الله إلى جواره في يوم الأثنين الثاني عشر من ربيع الأول وهو تاريخ مولده ايضاً، عن عمر يناهز الثالثة والستين عاماً.
كان هذا كل شىء عن أولي العزم من الرسل، حيث تحدثنا عن سيرتهم العطرة، وكيف دعوا إلى عبادة الله تعالى وكيف واجهوا كافة المصاعب والاستهزاء والتعذيب والتنكيل حتى يصل لنا الإيمان خالصاً من أي شائبة، فعلينا الاقتداء بهم وبجميع الأنبياء الذين أدوا الرسالة والأمانة كما أنزلها الله تعالى عليهم دون تبديل أو تغيير، عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم. كل هذه القصص يمكنا أن نتعلم منها معنى الابتلاء وكيفية مواجهته لتساعدنا على ما نواجهه في حياتنا.
بواسطة: Asmaa Majeed
اضف تعليق