مما لا شك فيه ان الام هي أكثر ما يسعد الانسان في الوجود ومصدر السعادة له، فالام في مضمونها تحمل ما تحمل من المعاني الجميلة والراقية الطيبة، فهي التي تربي الاجيال الصاعدة، وهي نصف المجتمع، وقد خلق الله سبحانه وتعالى الجنة تحت أقدامها، فهي سر وجودنا في هذه الحياة.
الام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق، للام المكانة العظيمة والمرموقة في قلوب أبنائها، فهي أثمن ما في الوجود وأغلى ما قد يملك الفرد في هذه الحياة، فالأم هي نبع الحنان والقلب الطيب الحنون الذي يلجأ إليه الانسان في كل الاوقات العصيبة، فقد وهبنا الله هذه النعمة ونحن له ممنونين، فإذا كانت الام صالحة طيبة فإنها تخرج جيلا صالحا طيب الاعراق نبيلا، فهي اللبنة الاساسية في بناء المجتمع، والاساس في كل بيت صالح، وقد كرم ديننا الاسلامي الحنيف الام، فحرم الزواج من الأمهات كما قال سبحانه: “حرمت عليكم أمهاتكم”.
وقد أوصانا الله سبحانه وتعالى بالوالدين وخص بالذكر الام، فقد حملتنا وهنا على وهن، ورأت من ألوان العذاب ما رأت في حملنا، لذا كرمها بمكانة كريمة عظيمة وحثنا على احترامها ومعاملتها المعاملة الحسنة والرفق بها، حيث قال تعالى: (ووصّينا الإنسان بوالديه حَملته أمه وَهْناً على وهن، وفِصاله في عامين أنْ اشكر لي ولوالديك إليّ المصير، وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهما وصاحِبْهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إليّ ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون).
انه من واجبنا تجاه الام ان نحترمها ونساعدها في كافة الاعمال التي تقوم بها، وذلك كنوع من انواع البر، كما وانه لمن واجبنا تجاهها أيضاً ان نبدي لها الحب والتقدير.
كما أوصانا رسولنا الكريم “صل الله عليه وسلم” في الحديث الشريف التالى حيث قال قال رسول الله “صل الله عليه وسلم”: “الجنة تحت أقدام الأمهات”.
فقد ورد في السنة النبوية الشريفة الكثير من الاحاديث النبوية الشريفة التي تحث على بر الام، ونحن هنا نرد لكم بعض تلك الاحاديث والتي منها:
-عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله عز وجل ؟ قال : ( الصلاة على وقتها ) قلت ثم أي ؟ قال ( ثم بر الوالدين ) قلت ثم أي ؟ قال ( ثم الجهاد في سبيل الله )- قال حدثني بهن ولو استزدته لزادنى – صحيح (( الإرواء)) (1198):]
-عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ( معاوية بن حيدة )رضي الله عنه قلت : يا رسول الله من أَبَرُّ ؟ قال : ( أمك) قلت من أبر؟ قال : ( أمك ) قلت من أبر؟ قال : ( أمك ) قلت من أبر ؟ قال : (أباك ثم الأقرب فالأقرب ).
-عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أتاه رجل فقال أنى خطبت امرأة فأبت أن تنكحني وخطبها غيرى فأحبت أن تنكحه فغرت عليها فقتلتها فهل لي من توبة ؟ قال أمك حية ؟ قال لا ، قال تب إلى الله عز وجل وتقرب إليه ما استطعت ، فذهبت فسألت ابن عباس لم سألته عن حياة أمه؟ فقال : ( أنى لا أعلم عملا أقرب الى الله عز وجل من بر الوالدة ).
كما يتضمن القرآن الكريم العديد من الآيات القرآنية التى تدل على ضرورة بر الوالدين وإعانتهما واحترامهما، وبر الأم وطاعتها وإحترامها خاصة فى الكبر والصغر أيضاً.
فمهما يفعل الانسان من اعمال فلن يستطيع ان يفي الام حقها في التعب والعناء والسهر والشقاء التي رأته في تربيته.
ونظرا لاهمية الام ومكانتها المرموقة في حياة كل فرد منا فقد خُصص لها يوم 21 من شهر مارس من كل عام للاحتفال بعيد الام، حيث انه في ذلك اليوم يعبر الابناء عن حبهم للام من خلال تقديمهم لها الهدايا وذلك بهدف ادخال البهجة والسرور على قلبها.
وبر الأم واجب على جميع أبنائها، وهو من أهم الامور التي دعا اليها الديانات السماوية وذلك لما لها من فضل عظيم فهو يتجلى في عدة امور منها:
-اتلأدب في الحديث معها والتلطف في ذلك.
-تجنب اظهار الضيق منها بالتأفف والسب والشتم.
-إطاعتها الأم في كل ما تقول ولكن الا يكون في هذه الطاعة معصية للخالق أو إضرار بالنفس أو الغير.
-الحفاظ على سمعتها وشرفها.
وفي مجمل حديثنا عن البر نتقدم لكم في موضوعنا هذا بمجموعة من الايات النبوية الشريفة التي تتضمن الحث على بر الوالدين وتدعو له فمن ذلك قوله تعالى:
(1) قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36].
(2) قال سبحانه: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 23 – 25].
(3) قوله تعالى: ﴿ وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]؛
(4) وقال سبحانه: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴾ [العنكبوت: 8].
كما ونورد لكم مجموعة من الاحاديث النبوية الشريفة الطيبة والتي منها أيضا:
(1) روى الشيخانِ عن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلتُ: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: ((الصلاة على ميقاتها))، قلت: ثم أي؟ قال: ((ثم بِرُّ الوالدينِ))، قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))؛ (البخاري – حديث 527 / مسلم – حديث 85).
(2) روى أبو داود عن أبي سعيدٍ الخدري: أن رجلًا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمَن، فقال: ((هل لك أحدٌ باليمن؟))، قال: أبواي، قال: ((أذِنا لك؟))، قال: لا، قال: ((ارجع إليهما فاستأذنهما، فإن أذِنا لك فجاهد، وإلا فبَرَّهما))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني – حديث 2207).
(3) روى ابن ماجه عن جابر بن عبدالله: أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي مالًا وولدًا، وإن أبي يريد أن يجتاح (يأخذ) مالي، فقال: ((أنت ومالُكَ لأبيك))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث: 1855).
وفي ختام موضوعنا يجب أن نعلم جيداً الطريقة الفضلى والاسلوب الراقي في معاملة الأم فنعاملها معاملة حسنة، كما أمرنا الإسلام حتى لا نشعر بالندم يوماً بعد فوات الاوان ونكون قد فقدناهم، فهم السند الحقيقى فى الحياة ويجب ان تعطى لهم قدرهم وحقهم كما ينبغى، وخصوصا الام علينا مساعدتها وتقديرها تقديرا جيدا ونحترمها جل الاحترام، وان نتجنب إغضابها وإزعاجها، فالمعاملة الطيبة لها أثمن هدية يمكن أن تقدم لها فى عيدها، فهى لا تنتظر أكثر من ذلك، إحرصوا دائما على ودها والتجمع لديها وبرها حتى تكونوا قد قمتوا ببرها، فالأم جوهرة ثمينة، لا يعرف قدرها إلّا من يفقدها، لذلك كونوا لها حاضنين في كبرها لأنها هي التي من كانت الحاضن لكم في طفولتكم، وعليكم بطاعة وبر والداتكم للتتمكنوا من الحصول على رضا الخالق ومحبته، وعدم إرسالهن الى دور العجزة، والتي تعد سجن أبدي للامهات.