من دواعي سرورنا في موقع المكتبة التعليمية ان نتقدم لكم متابعينا الكرام طلاب الصف الثاني الثانوي بحل سؤال جديد من اسئلة الوحدة الثانية: “وحدة التواصل الشفهي (التواصل الإقناعي)” في كتاب القراءة والتواصل اللغوي المستوى الرابع للصف الثاني ثانوي الفصل الدراسي الثاني وهو السؤال التالي:

علق على النص التالي مبيناً أثر توظيف الاستعارة في بيان الفكرة وقوة الاقناع:

الأسلوب البرمائي

زياد الدريس – مجلة المعرفة العدد 101

إنه أسلوب من الحياة يكفل لمتخذه التنفس دوما، وعدم الاختناق مدى الحياة. والانسان البرمائي هو في العموم برجوازي ناجح، قادر على العيش في محيط الثراء وفي صحراء الجفاف في آ ن واحد فهو يتزلف الارستقراطيين من أجل أن يصعد (إليهم) ويتزلف المحرومين من أجل أن يصعد (عليهم)، والبرمائي هذا لا يجيد أي شيء، لكنه يصلح لكل شيء.

لا هو بالملح ولا هو بالحلو، ولا بالمثقف ولا الأمي، ولا المغرور ولا المتواضع، ولا الوديع ولا المتوحش، فهو متدين وفاسق، غني ومحتاج، وطني وثوري، تراثي وعولمي، يجيد المديح والذم بالدرجة نفسها، والديمقراطية والديكتاتورية، والبيع والشراء، والحضور والغياب، لا هو معك ولا ضدك، فلا هو بالعدو ولا بالصديق، تراه في كل زمان، لكنك لا تراه في كل مكان؛ لأنه يجيد لعبة المكان والزمان، فهو ظاهر وخفي، وثرثار ومنصت.

ولأنه برمائي فهو جاف ورطب، جاف في قرارته، رطب في تبريراته، شفاهه دوما مبللة بالكلام المعسول، ولكن مخه ناشف! ولأنه برمائي أيضاً فإنه يجيد صيد البر والبحر معاً، يصطاد في الماء العكر مثلما يصطاد في الصحراء المغبر، وهو لا يأكل فريسته لكنه لا يرميها للهوام!

والكائنات البرمائية هذه لا يخلو أي مجتمع منها، لكنها تزيد وتنقص من مجتمع لآخر بحسب اتساع مساحة المناطق الرخوة في التنظيم والفكر والثقافة المجتمعية، هذه المساحات الرخوة هي التي تسمح بتكاثر الكائنات البرمائية في المجتمع.

ولأن البرمائي هذا قد عاش في حياته عيشتين، فإن أول عقاب يناله هو أنه يموت ميتتين، برية ومائية، ثم يدفن في مكان لا هو بالبر دوماً فيزار، ولا بالبحر دوماً فيكون شهيداً إنه مدفون في منطقة المد والجزر، تلك التي كان يتلاعب بها في حياته فقدت تتلاعب به في مماته!

التعليق

هذا النص يتحدث عن الانسان المنافق ذي الوجهين، الذي يمارس لعبة التلون ليصل الى ما يريد؛ لكنه لا يستطيع أن يعيش في مجتمع قوي في فكره وخلقه وتنظيمه؛ فهو يصلح للبيئات التي لا تقدر الانسان إلا من باب المصلحة الشخصية، هذا المنافق المتلاعب في كل تصرفاته إذا مات موتاً حقيقياً أو مجازياً، فلن يحزن عليه أحد؛ إذ هو رمز المكر والخداع.