منهاج مادة الفقه في البلاد يقوم على تقديم العديد من النشاطات المميزة، من ضمنها كان نشاط السؤال القائل “قم بالرجوع إلى أحد كتب خطب الجمعة او أحد مواقع الإنترنت واختر خطبة تناسبك، وقم بإلقائها على زملائك”، والذي له مقدار من الاهمية مع تقديمنا حل كتاب النشاط فقه اول متوسط الفصل الدراسي الثاني بشكله الكامل في الفقرة التالية:
“الحمدُ لله كثيرًا كما يُنعِمُ كثيرًا، والله أكبر كبيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلًا، لك الحمدُ ربَّنا بكل نعمةٍ أنعَمتَ بها علينا في قديمٍ أو حديثٍ، أو سِرٍّ أو علانِيةٍ، أو خاصَّةٍ أو عامَّةٍ، أو حيٍّ أو ميِّتٍ، أو شاهِدٍ أو غائِبٍ، والله أكبرُ كلما ارتفعَت الأصواتُ بالدعوات، وسُكِبَت مِن المحارِيب العبَرَات، وأفاضَ ربُّنا مِن النِّعَم والبرَكات، والفضلِ والخيرات.
ولك الحمدُ ربَّنا حتى ترضَى، ولك الحمدُ إذا رضِيتَ، ولك الحمدُ بعد الرِّضا، ولوجهِك الدائِمِ الباقِي الحمدُ كلُّه، والله أكبر مما نخافُ ونحذَر، والله أكبر ما تابَ تائِبٌ واستغفَر، وسُبحان الله حين تُمسُون وحين تُصبِحُون، (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) [الروم: 18].
أحمدُه – سبحانه – على إسبالِ سِترهِ الجَمِيل، وأعوذُ به مِن مكرِه الوَبِيل، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو حسبُنا ونِعمَ الوكِيل، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا المنعُوت بالتوراةِ والإنجيلِ، المخصُوصِ بالتعظيمِ والتَّبجِيل، صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه، وعلى آله أهلِ الشَّرفِ والتفضيلِ، وأصحابِهِ ذَوِي المقام الجَليل، والتابِعِين ومن تبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا مزيدًا في البُكرة والأصِيل.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أما بعد: فأُوصيكم – أيها الناس – ونفسي بتقوَى الله، فاتَّقوا الله – رحمكم الله -؛ فالتقوَى هي أكرَمُ ما أسرَرتُم، وأحسَنُ ما أظهَرتُم، وأفضلُ ما ادَّخَرتُم، الواعِظُون بها كثير، والعامِلُون بها قليل، لا يقبَلُ الله غيرَها، ولا يرحَمُ إلا أهلَها، ولا يُثيبُ إلا عليها؛ فتقوَى الله أصلُ السلامة، وقاعِدةُ الثَّبات، وجِماعُ كلِّ خيرٍ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الحديد: 28].
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلًا.
أيها المسلمون:
عيدُكم مُبارَك، وتقبَّل الله منَّا ومنكم الصيامَ والقيامَ وصالِحَ الأعمال. هنيئًا لكم ما صُمتُم وما أفطَرتُم، وهنيئًا لكم ما أكَلتُم وما لبِستُم، وما أنفقتُم وما تصدَّقتُم، وهنيئًا لكم ما فرِحتُم وما ابتَهجتُم.
عيدُكمُ التكبيرُ والتهليل والتحميد.
يا عبدَ الله! كلُّ يومٍ يمُرُّ عليك وأنت في طاعةِ الله فأنت في عيدٍ وفرحةٍ وسُرورٍ، وكلُّ يومٍ لا يُعصَى الله فيه فهو عيد. العيدُ لمَن أطاعَ الله، وعمِلَ المزيدَ، ونجَا يومَ الوعيد.
الله أكبر ما حمِدَ حامدٌ وشكَر، والله أكبر ما تابَ عبدٌ واستغفَر.
معاشر المسلمين: خُلُقٌ عظيمٌ، ومقامٌ مِن مقامات العبادة كريم أمرَ الله به، ونهَى عن ضدِّه، وأثنَى على أهلِه، وجعلَه غايةَ خلقِه وأمرِه، وسببًا للمزيدِ مِن فضلِه، وحارِسًا لنِعَمِه، هو حياةُ القلبِ وحيويَّتُه، ووعَدَ أهلَه بأحسن جزائِه، أهلُه هم المُنتفِعُون بآياتِه، اشتَقَّ لهم اسمًا مِن أسمائِه، هم القليلُون مِن عبادِه، وحسبُكم بهذا فضلًا وشرَفًا، وعلُوًّا وقَدرًا.
إنه – يا عباد الله -: الشُّكرُ والشاكِرُون، (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ: 13].
الشُّكرُ – حفِظَكم الله – أدبٌ رفيعٌ، حرِيٌّ بكلِّ ذِي خُلُقٍ ومروءةٍ أن يتحلَّى به، ويُحاسِبَ النَّفسَ عليه.
الشُّكرُ ظُهورُ أثر النِّعمةِ على العبدِ في القلبِ إيمانًا وحبًّا وشُهودًا، وفي اللِّسان حمدًا وثناءً وتحدُّثًا، وفي الجوارِحِ عبادةً وطاعةً وانقِيادًا.
الشُّكرُ اعتِرافٌ بالجَميل، وما استغنَى أحدٌ مِن الناسِ عن الشُّكرِ شاكِرًا أو مشكُورًا، والحرُّ لا يكفُرُ النِّعمةَ، ومَن لم يكُن لقليلِ المعروفِ عنده وقعٌ أوشَكَ ألا يشكُرَ على الكثير، وغليظُ القلبِ هو الكَفُورُ.
الشُّكرُ امتِنانٌ للمعروفِ، واعتِرافٌ بالفضلِ لمَن أسداهُ، ولا يعرِفُ الفضلَ في الناسِ إلا ذَوُوه، وهو دليلٌ على صفاءِ النَّفسِ، وطهارةِ القلبِ، وسلامةِ الصَّدر، وكمالِ العقلِ، وهو خيرُ عيشِ السُّعداء.
يقولُ ابنُ القيِّم – رحمه الله -: “بُنِي الدينُ على قاعدتَين: الذِّكرِ والشُّكرِ”.
وهذان الأمران هما جِماعُ الدِّين؛ فذِكرُ الله مُستلزِمٌ لمعرِفتِه، وشُكرُه مُتضمِّنٌ لطاعتِه، وهذان هما الغايةُ مِن خلقِ الجنِّ والإنسِ، فثَبَتَ بما ذُكِرَ أن غايةَ الخلقِ والأمرِ أن يُذكَرَ وأن يُشكَر؛ يُذكَرَ فلا يُنسَى، ويُشكَرَ فلا يُكفَر.
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، والعزَّةُ لله ولرسولِه وللمُؤمنين.
أيها الإخوة: رُؤوسُ النِّعم ثلاثةٌ: أولُها: نِعمةُ الإسلام التي لا تتمُّ نعمةٌ على الحقيقةِ إلا بها.
ثم نِعمةُ العافِية التي لا تستقِيمُ الحياةُ إلا بها. ثم نِعمةُ الرِّضا التي لا يَطِيبُ العيشُ إلا بها.
يقولُ الحسنُ البصريُّ – رحمه الله -: “الخيرُ الذي لا شرَّ فيه: العافِيةُ مع الشُّكر؛ فكَم مِن شاكرٍ وهو في بلاءٍ، وكَم مِن مُنعَمٍ عليه وهو غيرُ شاكرٍ، فإذا سألتُمُ اللهَ فاسألُوه الشُّكرَ مع العافِية”.
وأركانُ الشُّكر ثلاثةٌ: الاعتِرافُ بها مُشاهَدةً لها في الدِّين، والنفسِ، والأهلِ، وفي المالِ، والحالِ، وفي الأبدانِ، والأوطانِ، وفي الشَّهرِ كلِّه.
ثم اليقينُ الجازِمُ بأنها مِن عند الله وحدَه لا شريكَ له، (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) [النحل: 53]. ثم صَرفُها في طاعةِ الله ومرضاتِه، والحذَرُ مِن استِعمالِها في معاصِي الله ومُخالفاتِه ومنهِيَّاتِه.
الله أكبر ما فرشحَ الصائِمُ بتمامِ صِيامِه واستبشَر، والله أكبر ما ذكَرَ ذاكِرٌ ربَّه وكبَّر.
معاشر المسلمين: وأولُ الشُّكر تحقيقُ العبوديَّة لله، قال – عزَّ شأنُه -: (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [الزمر: 66]، وقال – عزَّ وجل -: (وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [النحل: 114]، وقال – جلَّ اسمُه -: (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: 172].
وتأمَّلُوا معنَى الشُّكر في صَنيعِ نبيِّنا محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -؛ “فقد كان يقومُ مِن الليلِ حتى تتفطَّر قدَمَاه الشريفتان – عليه الصلاة والسلام – ويقول: «أفلا أكونُ عبدًا شَكُورًا؟!»”.